وأما قول المتكلف فلو لم يكن مذنبا لما استغفر من ربه فهو شطط لأنه ليس في الآية الشريفة أن رسول الله استغفر عن ذنب فعله وإنما في الآية قوله تعالى (واستغفر الله) فيجوز أن يكون الاستغفار المأمور به هو الاستغفار للمبطل من المتداعيين إشعارا للعباد برفع أضغان التداعي أو إشارة إلى أن مخاصمة المبطل الخائن خروجه عن وظيفة القضاء وأمر يحتاج إلى الاستغفار، فما حال من يجادل عن الخائنين كل ذلك ليتأدب قضاة الأمة بهذه الآداب كما جاء قوله تعالى في خطاب رسول الله (وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما).
وأما قول المتكلف ولو كان نبيا لعرف الحرامي الحقيقي من أول الأمر فهو شطط أيضا.
أما أولا فإن اضطراب رواية القصة لا يسمح لها بشئ من الثبوت حتى يبنى على أساسها.
وثانيا: من أين يلزم في النبي أن يكون عالما بكل شئ من أول الأمر في الأحكام والموضوعات بل إنما يعلم بسبب إعلام الوحي.
أفلم ينظر المتكلف في كتب وحيه أن يشوع النبي لم يكن يعلم بالسرقة من الغنيمة؟ ولا بالسارق حتى أعلمه الوحي بالسرقة؟ وعين عخان بالقرعة فاستنطقه فاعترف بالسرقة، ودله على موضع دفنها، " انظر سابع يشوع ".
وأن موسى كليم الله لم يعلم أن جلد وجهه صار يلمع في كلام معه " خر 34: 49 "، وقد يشاء الله أن لا يعلم رسله ببعض الأشياء إلى آخر الأمر " ففي ثالث عشر مرقس 32 ":
وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بها أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الأب.
" شطط الغرور " قال المتكلف " يه 4 ج ص 251 و 252 " ارتياب محمد في الله قال في القرآن (إنما أنا بشر مثلكم يوحي إلي...)، وقال أيضا: