الذنب من رسول الله وها نحن نذكرها ونذكر ما ينبغي أن يقال فيها.
الآية الأولى: قوله تعالى في سورة الإنشراح 2 (ووضعنا عنك وزرك 3 الذي أنقض ظهرك) فنقول: إن الوزر في اللغة هو ما يثقل ويتعب وبهذا الاعتبار استعير للذنب اسم الوزر كما حسن أن يستعار للهم المجهد والغم الباهظ ولقد كان رسول الله " ص " قبل البعثة في أشد ما يكون من الغم والهم، وأثقله وأجهده لأجل ما يراه من ضلال الناس و أهوائهم المردية وعوائدهم القبيحة وعباداتهم الباطلة ويتجرع من ذلك غصص النكد حتى أنه صلوات الله عليه كان لأجل ذلك يحب العزلة ويلازم غار حراء مدة من السنة مستوحشا من ضلال الناس معانيا لأعباء هذا الهم المبرح وعسر الحيرة وضيق الصدر منتظرا لفرج الله ولطفه ورحمته والواسعة حتى شرح الله صدره ويسر أمره وفتح له باب الهدى والرحمة بالوحي ووضع عنه أوزار الهم والعنا بالبعثة والرسالة بالدعوة إلى الحق فوجد من ذلك انشراح الصدر، وروح الهدى وراحة الفرج، ومسرة اليسر.
ويرشد إلى ذلك دلالة العقل والنقل على عصمة النبي، وكذا سوق السورة في طرد الامتنان بقوله تعالى: (ألم نشرح لك صدرك) أي بالوحي والنبوة بعد ما كان ضيقا بالهموم (ووضعنا عنك وزرك) أي ثقل الهم والغم ببركة الأمر بالدعوة، (ورفعنا لك ذكرك)، أي بالرسالة وحقائق معارفها.
ويوضح ذلك تعليله المؤكد بقوله تعالى: (فإن مع العسر يسرا 6 إن مع العسر يسرا)، فإن هذا التعليل إنما يناسب الفرج من الضيق وتيسير الأمور، وإزاحة ثقل الهم الباهظ، ولا مناسبة له مع غفران الذنوب. على أنه لو كان ما ذكرناه احتمالا مساويا في الآية لكفى في إبطال مزاعم المتكلف.
الآية الثانية: قوله تعالى في خطاب رسول الله في سورة الفتح 1 (إنا فتحنا لك فتحا مبينا 2 ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما 3 وينصرك الله نصرا عزيزا).
وأن سوق الآيات يأبى أن يكون المراد من الذنب فيها هو معصية الله بل