من أجل القول الذي ألقاه الشيطان كما يزعم لو فرضت مطابقتها لما ذكروه من تمني رسول الله (ص).
وأما إذا جعلنا الأمنية بمعنى المتمني وهو الشئ الذي يتمناه الإنسان فلا يطابق قوله تعالى (ألقى الشيطان في أمنيته) بعض المطابقة إلا ما ذكر من أن الأمنية كانت إسلام قومه (ص).
فإن معنى ألقى الشيطان في المتمني هو أن يدخل فيه ما يضره ويشوشه، بل نقول إن معنى قوله تعالى ألقى الشيطان في أمنيته لا بد أن يكون لتركيبه معنى واحد عرفي مقرر وهو ما يرجع إلى موافقة المتمني أو مخالفته. وعلى كل حال لا يطابق جميع ما قيل في بيان الأمنية. وهي أن يقارب الله بينه وبين قومه 2 إسلام قومه 3 كف أذاهم 4 لا يأتيه من الوحي شئ يفرقهم عنه.
وأما تفسير التمني والأمنية بالتلاوة فهو شئ غريب لم يسمع له شاهد إلا شاذ يقال إنه لحسان فلا يحسن حمل القرآن على لغة هذا شأنها.
وأيضا إن المروي عن ابن عباس وابن الزبير أن سورة الحج التي فيها هذه الآية مدنية من دون استثناء لهذه الآية أفلا يعارض هذا ما روي من أن الآية نزلت في مكة في مساء واقعة الغرانيق وفي حينها تعزية لرسول الله من أجلها لأنه كان به رحيما؟ أم تقول إن الله الرحيم برسوله اللطيف بعباده آخر تعزية رسوله عن ورطة الغرانيق ولم ينزل فيها الآية المذكورة إلا بعد مدة من السنين وتنقل في الأمكنة وتقلب في الأحوال التي فات بها مقام التعزية والتدارك، دع هذا كله وقل كيف يذعن عاقل بصدق هذه الحكاية خصوصا على مزاعم المتكلف مع مناقضتها لما في خصوص المقام من سورة النجم في التنديد بالأصنام وبيان كونها باطلا بقوله تعالى 23 (إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباءكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى) وأن هذه الآية لتوضح أن حكاية الغرانيق وسجود المشركين في آخر السورة مع رسول الله سرورا بمدح آلهتهم إنما هي تلفيق من غير تدبر افترى المشركين يسجدون في آخر السورة فرحين مسرورين بعد ما سمعوا من التنديد بآلهتهم. والتسفيه لهم بقوله تعالى (إن هي إلا أسماء الآية)، أفلم يكونوا