أقول: وقد كشف لنا بكلامه هذا عن أنه لا منتهى لورطات الغفلة ولا حد لفلتات العصبية، فلنصور لك هذه القصة على الرواية التي اشتهاها المتكلف، ونذكر لك القصة التي قذف بها داود ملخصة من التفصيل الذي ذكر في العهد القديم كتاب إلهامهم، وقايس أنت بينهما واحكم ولو ببعض إنصافك ووجدانك.
فنقول: جاء في بعض الروايات المضطربة أن رسول الله أتى بيت زيد غلامه ومعتقه فوقعت عينه على امرأته فوقعت في نفسه وأعجبته وأشعر بذلك فطلقها زيد وقل طمعا ببر رسول الله وشكرا عليه، بل قل مصانعة لدنياه بل قل باستدعاء من رسول الله فلما انقضت عدتها تزوجها رسول الله حسب تسويغ شريعته المقدسة ولا تقل بأمر من الله ولا لأجل الحكمة التي سنبينها إن شاء الله في مبحث النسخ.
وجاء في العهد القديم الذي هو كتاب وحي وإلهام عند أهل الكتاب أن داود تمشى على السطح فرأى امرأة أوريا تستحم فسأل عنها فأخبر أنها امرأة أوريا. ومن أوريا؟ هو أحد رجاله المؤمنين بالله الغازين للجهاد في سبيل الله مع تابوت الله لنصرة دين الله. فهي في الحقيقة وديعة في حمى داود وظل جواره وأمن رعايته فأرسل عليها وواقعها فحبلت وأخبرته بالحبل فأحضر زوجها من الحرب ليدخل على امرأته فيلتصق به ذلك الحمل الذي هو من الزنا، وأسكره أيضا لهذا الغرض فأبى ذلك المؤمن المجاهد الناصح أن يستريح إلى أهله ويأنس بهم وذلك ليواسي تابوت الله والمجاهدين في سبيله، فتوصل داود إلى قتله بأن أمر قائد العسكر أن يجعله في وجه الحرب الشديدة ويرجعوا عنه لكي يضرب ويموت ففعلوا وجاهد أوريا صابرا محتسبا حتى قتل فسر قتله داود وضم امرأته إلى بيته وولدت له من ذلك الحمل ولدا ولما مرض ذلك الولد جزع حتى بات مضطجعا على الأرض باكيا لم يأكل ولم يشرب " 2 صم 11 و 12 " فدونك المقايسة التي تورط بها المتكلف.
ثم إنه له في هذا المقام وللمتعرب " ذ ص 65 " كلاما يفضي استقصاؤه