ثم محمد بن علي الجواد ثم علي بن محمد الهادي ثم الحسن بن علي الزكي ثم ابنه (القائم - عج) سمي النبي وكنيته صاحب زماننا وخليفة الله في أرضه في أواننا (إلى قوله): بعدي اثني عشر أولهم أنت يا علي وآخرهم (القائم) الذي يفتح الله على يديه مشارق الأرض ومغاربها، وقد استفاض أمثال ذلك من الروايات في كتب العامة أيضا (إلى قوله في ص ١٠ من كتابه " منهاج النجاة " في حق الإمام المنتظر " ع "): وإن حجة الله في أرضه وخليفته على عباده في زماننا هو القائم المنظر - محمد بن الحسن العسكري - ع) وإنه هو الذي أخبر به النبي عن الله عز وجل باسم ونعته ونسبه وكذا ساير أهل البيت " ع " وإنه هو الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، وإنه هو الذي يظهر الله به دينه (ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) وإنه هو الذي يفتح الله على يديه مشارق الأرض ومغاربها حتى لا يبقى في الأرض مكان إلا نودي فيه بالأذان ويكون الدين كله لله فإنه هو المهدي الذي أخبر النبي أنه إذا خرج نزل عيسى ابن مريم يصلي خلفه.. الخ، وقال في منتصف الصفحة العاشرة: تنبيه حب أولياء الله واجب وكذا بغض أعداء الله والبراءة منهم ومن أئمتهم سيما من الذين ظلموا آل محمد حقهم وغصبوا ميراثهم وغيروا سنة نبيهم، ومن الذين نكثوا بيعة إمامهم وأخرجوا المرأة وحاربوا أمير المؤمنين " ع " وقتلوا الشيعة، ومن الذين نفى الأغيار وشردهم وآوى الطرداء اللعناء وجعل الأموال دولة بين الأغنياء. (حتى قال - ره) في (باب المعاد) (هداية): الموت حق وكل نفس ذائقة الموت إلا أن الإنسان خلق للأبد والبقاء لا للعدم والفناء فلا يعدم بالموت بل يفرق بين روحه وجسده وينتقل من دار إلى دار (كذا في الحديث النبوي) وقال الله عز وجل: (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء) ونادى النبي الأشقياء المقتولين يوم بدر: يا فلان قد وجدت ما وعدني ربي حقا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ ثم قال: والذي نفسي بيده أنه لأسمع لهذا الكلام منكم إلا أنهم لا يقدرون على الجواب، (ثم يقول: هداية) المسألة في القبر حق، قال الصادق " ع " من أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا: المعراج والمسألة في القبر والشفاعة ولا يسأل إلا من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا والباقون يلهون عنهم وما يعبأ بهم فمن أجاب بالصواب فاز بروح وريحان في قبره وبجنة النعيم في الآخرة ويسأل وهو مضغوط وما أقل من يفلت من ضغطة القبر وأكثر ما يكون عذاب القبر من سوء الخلق والنميمة والاستخفاف بالبول وهو للمؤمنين كفارة لما بقي عليهم من الذنوب (إلى أن يقول): (هداية): البعث بعد الموت حق لاقتضاء عدل الله وحكمته، إيصال جزاء التكاليف إلى العبيد والوفاء بالوعد والوعيد ومؤاخذة الظالم للمظلوم، إلى غير ذلك، قال الله سبحانه (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون) (إلى أن يقول): وقال النبي صلى الله عليه وآله: يا بني عبد المطلب إن الرائد لا يكذب أهله والذي بعثني بالحق لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون وما بعد الموت دار إلا جنة أو نار.. الخ ثم قال في ص ١١: (هداية) الصراط حق وهو جسر ممدود على متن جهنم ينتهي إلى الجنة وعليه ممر جميع الخلائق، قال الله عز وجل: (وإن منكم إلا واردها، كان على ربك حتما مقضيا) وعن الإمام الصادق " ع ": الصراط أدق من الشعر وأحد من السيف فمنهم من يمر مثل البرق ومنهم من يمر مثل عدو الفرس ومنهم من يمر حبوا ومنهم من يمر مشيا ومنهم من يمر متعلقا قد تأخذ النار منه شيئا وتترك شيئا، وقال " ع " أيضا: الصراط هو الطريق إلى معرفة الله وهما صراطان، صراط في الدنيا وصراط في الآخرة، فالصراط في الدنيا فهو الإمام المفترض الطاعة، من عرفه في الدنيا واقتدى بهداه مر على الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخرة، ومن لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه على الصراط في الآخرة فتردى في نار جهنم، يعني أن الإمام هو الطريق إلى معرفة الله تعالى والهادي إلى سبيله قولا وفعلا، فمن عرفه في الدنيا واقتدى بهداه واستن بسنته مر على الصراط المستقيم الذي مر هو عليه في الدنيا أي طريقته التي هو عليها في الأعمال والأخلاق، كما قال الله عز وجل حكاية عن نبينا صلى الله عليه وآله: (وإن هذا صراطي مستقيم فاتبعوه) فهو الناجي الذي يمر على الصراط الآخرة ومن لم يعرفه ولم يهتد إلى طريقته ولم يعمل بها فهو الهالك الذي تزل قدمه عند صراط الآخرة الخ.
ثم قال في الصحيفة نفسها: (هداية) الميزان حق والحساب حق، قال الله عز وجل: (والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون) وقال تعالى:
(ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) وقال الصادق " ع ": الموازين القسط هم الأنبياء والأوصياء " ع ".
ثم قال في ص ١٢: (هداية) الحساب حق هو جمع تفاريق المقادير والأعداد وتعريف مبلغها وفي قدرة الله تعالى أن يكشف في لحظة واحدة للخلائق حاصل حسناتهم وسيئاتهم وهو أسرع الحاسبين، ويأبى الله إلا أن يعرفهم حقيقة ذلك ليبين فضله عند العفو وعدله عند العقاب، فيخاطب عباده جميعا من الأولين والآخرين بمحل حساب أعمالهم مخاطبة واحدة يسمع منها كل واحد قضيته دون غيره ويظن أنه المخاطب دون غيره لا يشغله عز وجل مخاطبة عن مخاطبة ويفرغ من حسابهم جميعا مقدار ساعة من ساعات الدنيا ويخرج لكل إنسان كتابا يلقاه منشورا، ينطق عليه بجميع أعماله، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها فيجعله الله محاسب نفسه والحاكم عليها بأن يقال (إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) ويختم الله تبارك وتعالى على أفواههم وتشهد عليهم أيديهم وأرجلهم بما كانوا يكسبون، وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا؟ قالوا أنطقنا الذي أنطق كل شئ، فتتطاير الكتب وتشخص الأبصار إليها أيقع في اليمين أو في الشمال (فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم إقرؤا كتابيه، وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه). الخ ثم يقول في الصحيفة نفسها (هداية) كلما ورد في الشرع من أهوال يوم القيامة وطوله وحره وعرق الناس فيه وازدحامهم واختصامهم وبراءة بعضهم من بعض وفرار المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه والسياق وإحضار الشهداء والمسائلة، وغير ذلك، كما أخبر الله عز وجل عنه في القرآن وأئمة الهدى " ع " في الأخبار المروية عنهم حق وصدق لا ريب فيه، قال الصادق " ع ":
(حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا عليها، فإن للقيامة خمسين موقفا، كل موقف مقام ألف سنة ثم تلا (في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة).
ثم قال في ص ١٣ (هداية) الجنة حق والنار حق وهما مخلوقتان، اليوم لا تخرج نفس من الدنيا حتى ترى مكانها من إحديهما، كذا عن أئمة الهدى " ع " الجنة دار البقاء ودار السلامة لا موت فيها ولا هرم ولا مرض ولا سقم ولا آفة ولا زمانة ولا غم ولا هم ولا حاجة ولا فقر، وهي دار الغناء والسعادة ودار المقامة والكرامة لا يمس أهلها فيه نصب ولا يمسهم فيها لغوب لهم فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون (إلى أن يقول) والنار دار الهوان ودار الانتقام من أهل الكفر والعصيان لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها، لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا وأن استطعموا أطعموا من الزقوم وإن استغيثوا أغيثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا ينادون من مكان بعيد ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون، فيمسك الجواب عنهم أحيانا، ثم قيل لهم إخسؤا فيها ولا تكلمون، ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك، قال إنكم ماكثون، لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم.
هذا ما وسع لي في هذه العجالة أن أنقل من كلامه " ره " وقلما يتفق أن يحرر ويهذب العقائد الجعفرية بمثل هذه العبارات الموجزة المشتملة على ما هو اللازم اعتقادها لكل مسلم، وقد أوردها (ره) في أتقن بيان وأنفس برهان، كل ذلك بالأدلة العقلية والنقلية وقسيميهما من السنة والإجماع.
ولا يخفى أنه (ره) قد كتب كتابه هذا (منهاج النجاة) وكذلك كتابه (الإنصاف) قبيل وفاته بسبع أو ثمان سنوات.
فبالله عليك أيها القارئ الكريم كيف يجوز أن يرمى هذا المولى الكبير والموفق النبيل (ره) إلى فساد العقيدة وأني على يقين بأن هذا الشيخ (..) هو في حد من قلة الباع وعدم الاطلاع على كتابيه ما لا يوصف، حتى أنه لم ير ما رواه من حديث الثقلين المتواتر لدى الفريقين، ومن المعلوم أنه ليس من تعاليم القرآن والأخلاق النبوية رمي أحد إلى فساد العقيدة ولو كان مظهرا لأول مرتبة من المراتب الإسلامية (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا) وجاء في الأخبار: (من أهان عالما فقد أهانني).
والآن قد تبين لك الرشد من الغي وعلمت أن المولى الكاشاني (ره) هو من اللازمين للأصول الإمامية السالكين للفرقة الناجية الجعفرية، ولم يبق لأحد مجال للشك والارتياب من كون الرجل من أجلاء الشيعة وكبارهم وثقاتهم وختاما نسأل الله العزيز أن يلهمنا الصواب إنه هو الوهاب، هذا ما أملاه على سماحة آية الله الوالد (دام ظله). وختاما أسأل الله أن يوفقني لخدمة الدين بمحمد وآله الطاهرين (المصحح) (1) سبق في ص 169 من هذا الكتاب كلام من شيخنا (صاحب الحدائق) في حق المولى الكاشاني وقد دفعته.
(2) طبع هذا الكتاب في ضمن عدة من رسائله المطبوعة.