الأحاديث، وأنها لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم ولغيره، كما نص عليه في الأحاديث السابقة.
ثم ذكر بعدها الشفاعة فيمن دخل النار.
وبهذا تجتمع متون الأحاديث، وتترتب معانيها إن شاء الله تعالى.
هذا كلام القاضي رحمه الله، وهو ترتيب حسن، وليس فيه ما يعارض شفاعته صلى الله عليه وآله وسلم لأمته عقب رفع رأسه من السجود في المرة الأولى، فإنه يحتمل أن يكون ذلك ابتداء فصل القضاء، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن أمته هي المقضي لهم قبل الخلائق.
فيكون صلى الله عليه وآله وسلم - لما يدنو للشفاعة في فصل القضاء، ويؤذن له في الشفاعة - يبتدئ بالسؤال لمن يقضى له أولا، فيجاب: بأن يدخل الجنة من أمته من لا حساب عليه، هذا في المرة الأولى، ويكون إعلامه صلى الله عليه وآله وسلم بذلك في أول الأمر، من كمال الاكرام.
ثم بعد ذلك تتبع كل أمة ما كانت تعبد، ويوضع الصراط، ويؤذن في الشفاعة للمذنبين، فيشفع النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأنبياء والملائكة في نجاة من يشاء الله من النار.
ثم بعد ذلك يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، ومن شاء الله تعالى من المذنبين، فيقع بعد ذلك الشفاعة في إخراج المذنبين من النار.
ولعل سؤال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمته في الثانية والثالثة والرابعة حينئذ، ويشفع الأنبياء أيضا والملائكة والمؤمنون في إخوانهم.
ويحتمل أن يكون اقتصار النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ذكر أمته، من كمال الأدب مع ربه سبحانه وتعالى، فإنهم الأخصون به، وهو صلى الله عليه وآله وسلم يعلم أنه يحصل في ضمن ذلك ما قصد إليه ولجأ الناس بسببه، من فصل القضاء العام.
على أنه قد ورد في حديث آخر ذكره القاضي عياض في (الشفاء): (أما ترضون أن يكون إبراهيم وعيسى فيكم يوم القيامة!!).
ثم قال: (إنهما في أمتي يوم القيامة، أما إبراهيم فيقول: أنت دعوتي وذريتي،