متحيز؟ ولا يمكن قول سادس، وإنما الكلام في تعيين واحد من الخمسة.
ومن الناس من توقف فيها، وهو أسلم، وحمل على ذلك قوله تعالى: * (قل الروح من أمر ربي) * وأنه لم يأمره أن يبينها لهم.
ومنهم من قال: إنها جسم، وهؤلاء تنوعوا أنواعا، أمثلها قول من قال: إنها أجسام لطيفة مشتبكة بالأجسام الكثيفة، أجرى الله العادة بالحياة مع بقائها، وهو مذهب جمهور أهل السنة، وإلى ذلك يشير قول الأشعري، والباقلاني، وإمام الحرمين، وغيرهم، ويوافقهم قول كثير من قدماء الفلاسفة.
ومنهم من قال: إنها عرض خاص، ولم يعينه، قاله جماعة من المتكلمين، ونصره الهراسي من أصحابنا.
ومنهم من عينه، وتنوعوا في ذلك أنواعا.
ومنهم من قال: إنها جوهر فرد متحيز، نقل ذلك سيف الدين الآمدي عن الغزالي ومعمر وغيرهما من الإسلاميين القائلين: بأنها بسيطة.
والقائلون بهذه الأقوال الثلاثة يقولون: إن قوله تعالى: * (قل الروح من أمر ربي) * جواب، فإن أمر الرب هو الشرع والكتاب الذي جاء به، فمن دخل في الشرع وتفقه في الكتاب والسنة، عرف الروح، فكان معنى الكلام: ادخلوا في الدين تعرفوا ما سألتم عنه.
على أنه قد قيل: إنهم لم يسألوا عن الروح الإنساني، بل عن ملك من الملائكة، والأقوال في ذلك مذكورة في التفسير.
وقيل: ليس سؤالا عن حقيقتها، بل عن حدوثها، وأجابهم بما يدل على حدوثها، وأنها من فعل الله تعالى.
وكل من قال: بأنها جسم، يجوز اتصافها بالحياة، وأما القول: بأنها عرض، فبعيد.