وهذان الحديثان صريحان في أن ذلك حصل فيما مضى.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: لقيني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (يا جابر، ما لي أراك منكسا؟).
قلت: يا رسول الله، استشهد أبي قبل يوم أحد، وترك عيالا، وعليه دين.
قال: (أفلا أبشرك بما لقي الله عز وجل به أباك؟).
قلت: بلى يا رسول الله.
قال: (إن الله ما كلم أحدا قط إلا من وراء حجاب، وأحيا أباك وكلمه كفاحا، فقال له: يا عبدي، تمن علي أعطك.
فقال: يا رب، تحييني فاقتل فيك مرة ثانية.
قال الرب عز وجل: قد سبق مني أنهم لا يرجعون).
قال: وأنزلت هذه الآية: * (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا) * رواه الترمذي وقال: حسن غريب من هذا الوجه (1).
وقوله: (أحيا أباك) يقتضي تجدد حياة، والروح باقية لم تمت، فإما أن يحمل على الجسد، وإما على أن مفارقتها الجسد حياة لها.
ومنها: ما سنذكره في سائر الموتى، وأنهم منقسمون في القبور إلى منعم ومعذب.
فثبت بهذه الوجوه أن الحياة حاصلة للشهيد الآن.
ولكن من الناس من قال: إنها حياة مجازية، ثم سلكوا في وجه المجاز وجوها:
إما لأنهم في حكم الله مستحقون للنعيم في الجنة.
أو لأن ثناءهم باق.
أو غير ذلك من وجوه المجازات.