والقرآن العزيز ناطق بموته صلى الله عليه وآله وسلم قال تعالى: * (إنك ميت وإنهم ميتون) *.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (إني مقبوض).
وقال الصديق رضي الله عنه: فإن محمدا قد مات.
وأجمع المسلمون على إطلاق ذلك.
فالوجه إذا ثبت القول المذكور أن يقال: إن ذلك موت غير مستمر، وإنه أحيي بعد الموت، ويكون انتقال الملك ونحوه مشروطا بالموت المستمر، وإلا فالحياة الثابتة حياة أخروية، ولا شك أنها أعلى وأكمل من حياة الشهيد.
وهي ثابتة للروح بلا إشكال.
والجسد: قد ثبت أن أجساد الأنبياء لا تبلى.
وعود الروح إلى البدن سنذكره في سائر الموتى، فضلا عن الشهداء، فضلا عن الأنبياء، وإنما النظر في استمرارها في البدن، وفي أن البدن يصير حيا بها، كحالته في الدنيا، أو حيا بدونها، وهي حيث شاء الله تعالى، فإن ملازمة الحياة للروح أمر عادي لا عقلي، فهذا مما يجوزه العقل، فإن صح به سمع اتبع، وقد ذكرناه عن جماعة من العلماء، وشهد له صلاة موسى عليه السلام في قبره، فإن الصلاة تستدعي جسدا حيا، وكذلك الصفات المذكورة في الأنبياء ليلة الإسراء، كلها صفات الأجسام.
ولا يلزم من كونها حياة حقيقية أن تكون الأبدان معها - كما كانت في الدنيا - من الاحتياج إلى الطعام، والشراب، والامتناع عن النفوذ في الحجاب الكثيف، وغير ذلك من صفات الأجسام التي نشاهدها، بل قد يكون لها حكم آخر، فليس في العقل ما يمنع من إثبات الحياة الحقيقية لهم.
وأما الإدراكات - كالعلم، والسماع - فلا شك أن ذلك ثابت، وسنذكر ثبوته لسائر الموتى، فكيف بالأنبياء!!