الثاني: أن هذه الرتبة حصلت للشهداء أجرا على جهادهم وبذلهم أنفسهم لله تعالى، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي سن لنا ذلك، ودعانا إليه، وهدانا له بإذن الله تعالى وتوفيقه، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: (من سن سنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من يتبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم آثام من يتبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا).
والأحاديث الصحيحة في ذلك كثيرة مشهورة، فكل أجر حصل للشهيد حصل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لسعيه مثله، والحياة أجر، فيحصل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم مثلها زيادة على ما له صلى الله عليه وآله وسلم من الأجر الخاص من نفسه على هدايته للمهتدي، وعلى ما له من الأجور على حسناته الخاصة، من الأعمال والمعارف والأحوال التي لا تصل جميع الأمة إلى عرف نشرها، ولا يبلغون معشار عشرها.
وهكذا نقول: إن جميع حسناتنا وأعمالنا الصالحة وعبادات كل مسلم، تسطر في صحائف نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم زيادة على ما له من الأجر، ويحصل له صلى الله عليه وآله وسلم من الأجور بعدد أمته أضعافا لا يحصرها إلا الله تعالى، ويقصر العقل عن إدراكها، فإن كل مهتد وعامل إلى يوم القيامة يحصل له أجر، ويتجدد لشيخه في الهداية مثل ذلك الأجر، ولشيخ شيخه مثلاه، وللشيخ الثالث أربعة، وللرابع ثمانية، وهكذا يضعف في كل مرتبة بعدد الأجور الحاصلة بعده... إلى أن تنتهي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
فإذا فرضت المراتب عشرة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من الأجر ألف وأربعة وعشرون، فإذا اهتدى بالعاشر حادي عشر صار أجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ألفين وثمانية وأربعين، وهكذا كلما ازداد واحد يتضاعف ما كان قبله أبدا إلى يوم القيامة.