ولا يخفى أن إرادته تعالى لم تتعلق أزلا إلى إيجاد العالم في الأزل لأنها من صفات الفعل وهي حادثة كما ورد في الأخبار الكثيرة.
وإن كان مقصود القائل أنه تعالى كامل بالذات وعلة تامة لإيجاد العالم، وتخلف العلة عن المعلول أمر ممتنع، فقد مر جواب ذلك وأثبتنا بطلان هذا المبنى من أساسه.
ثالثا: إن الجود فعل، ولا يلزم من ترك الفعل اختيارا نقص الذات.
رابعا: إن المتبادر من لفظ " الجواد " هو أن الشخص الجواد هو من لا يبخل عن الجود إذا وجد مقتضيه، وإن لم يصدر الجود عنه بالفعل مطلقا، والدليل على أن جواديته تعالى لا تتوقف على الإعطاء والبذل مضافا إلى المعنى المتبادر منه بعض الأخبار.
* كرواية الصدوق بسنده عن أحمد بن سليمان قال: سأل رجل أبا الحسن (عليه السلام) - وهو في الطواف - فقال له: أخبرني عن الجواد.
فقال له: إن لكلامك وجهين: فإن كنت تسأل عن المخلوق، فإن الجواد الذي يؤدي ما افترض الله عز وجل عليه، والبخيل من بخل بما افترض الله عليه، وإن كنت تعني الخالق فهو الجواد إن أعطى وهو الجواد إن منع، لأنه إن أعطى عبدا أعطاه ما ليس له وإن منع منع ما ليس له (1).