حرف النداء. ولذلك لا تجتمع بينهما. وإنما فتحت من قبل أن الحروف مبنية، والأصل في البناء السكون، فلما زيدت الميمان - وهما ساكنتان - حركت الثانية بالفتح لالتقاء الساكنين، وأخطروا الفتحة لخفتها. هذا أصلها.
ثم يؤتى بها قل " إلا " إذا كان المستثنى عزيزا نادرا، وكان قصدهم بذلك الاستظهار بمشية الله في إثبات كونه ووجوده، إيذانا بأنه بلغ من الندرة حد الشذوذ.
هذا كثير في كلام الفصحاء، وعلى ذلك قوله في المقامة الخامسة: " اللهم إلا أن تقد نار الجوع ". ألا ترى كيف يقطر منه ماء الندرة ويلوح عليه سيماء الشذوذ؟ لأن الغالب في ذلك الوقت الذي ذكر الشبع فضلا أن يشتد الجوع فيه تتقد ناره ويحول دون النوم أواره.
وقد تجئ في جواب الاستفهام قبل لا ونعم كثيرا، من ذلك: ما قرأت في حديث عمير بن سعد - وقد أتاه رسول عمر بن سعد - قال: كيف تركت أمير المؤمنين؟ فقال: صالحا وهو يقرؤك السلام. فقال له: ويحك لعله استأثر نفسه.
قال: اللهم لا. فقال: لعله فعل كذا، قال: اللهم لا. في حديث طويل.
وقال عامر بن واثلة: سمعت عليا - رضي الله عنه - يوم الشورى يقول:
نشدتكم بالله أيها النفر، هل فيكم أحد وحد الله قبلي؟ قالوا: اللهم لا. قال:
نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي غيري. قالوا: اللهم لا...
وعلى هذا قول صاحب المقامات في الثالثة والأربعين: وناشدتك الله، هل رأيت أسحر منك؟ قال: اللهم نعم.
قلت: وكان المتكلم يقصد إثبات الجواب متفرعا بذكر الله تعالى، ليكون أبلغ وأوقع، وفي نفس الشاك أنجع، ويعلم أنه على يقين من إيراده وبصيرة في