خصائصه، ولا يدل على الأفضلية، ولا على الإمامة، بل قد استخلف عددا غيره.
ولكن هؤلاء جهال، يجعلون الفضائل العامة المشتركة بين علي وغيره خاصة لعلي وإن كان غيره أكمل منه فيها، كما فعلوا في النصوص والوقائع، وهكذا فعلت النصارى، جعلوا ما أتى به المسيح من الآيات دالا على شئ يختص به من الحلول والاتحاد، وقد شاركه غيره من الأنبياء فيما أتى به، وكان ما أتى به موسى من الآيات أعظم مما جاء به المسيح... " (1).
وهذا الكلام كفر صريح، لكونه ردا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الذي ينص على اختصاص هذه الفضيلة الجليلة بأمير المؤمنين عليه السلام!! إنهم لا مناص لهم من الحكم بضلالته وتكفيره، وإنه لا يبقى ريب - بعدئذ - في أن جميع مساعي هذا الرجل وأمثاله في توهين هذا الاستخلاف ليست إلا عنادا ومخالفة للرسول الأكرم نفسه، لأنه هو الذي نص على اختصاص هذه المرتبة به وبعلي عليه السلام، فانظر إلى أين ينتهي دعوى ضعف هذا الاستخلاف كونه نقصا له!!
ولكن ابن تيمية لا يتحرج من إساءة الأدب بالنسبة إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وكذا أمير المؤمنين عليه السلام وعمار بن ياسر وغيرهما.
بل إن كلامه المذكور إساءة أدب بالنسبة إلى عمر بن الخطاب ومعاوية وسعد بن أبي وقاص وغيرهم من أئمته، الذين طالما حاول الذب والدفاع عنهم بالأكاذيب والأباطيل، وذلك، لأن حديث المنزلة يدل في نظر هؤلاء أيضا على شأن عظيم ومقام جليل، حق أنهم قد تمنوا حصول ذلك لهم في مقابل الدنيا وما فيها، فلولا دلالة الحديث على الأفضلية، لم يكن لما قالوه وتمنوه معنى! وهل يصفهم ابن تيمية حينئذ بالجهل؟! وهل يشبه حالهم بحال النصارى فيما ذكر؟