ودلالة ذلك على الأفضلية واضحة كذلك، إذ النبي أفضل من غيره بلا كلام ولا خلاف.
وعلى الجملة، فإن حديث المنزلة يدل على أن أمير المؤمنين عليه السلام عند النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أفضل وأشرف من كل أحد سواه، إذ من الواضح جدا أنه لو قيل: زيد عند بكر بمنزلة فلان الوزير عند السلطان فلان - وكان الوزير أفضل الناس عند السلطان - فهم أفضلية زيد عند بكر من جميع الناس... وهذا من الوضوح بمكان بحيث يعد منكره معاندا مكابرا... ولا يجوز عاقل كون علي عليه السلام عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمنزلة هارون عند موسى - عليهما السلام -، مع فرض كونه في المرتبة الرابعة في الأفضلية - والعياذ بالله.
على أن شاه ولي الله الدهلوي جعل المعتبر في المشابهة هو الأوصاف المشهورة المذكورة على الألسنة، وهو يعترف بكون هارون هو أفضل القوم في أمة موسى، ومن الواضح جدا أن الأفضلية من أجلى تلك الأوصاف، ولعل لوضوح ذلك وثبوته لم يعدها ولي الله منها.
بل إن ولي الله نفسه يصرح بدلالة حديث المنزلة على أفضلية أمير المؤمنين عليه السلام حيث يقول في مبحث فضائله: " وكان خليفته في غزوة تبوك على المدينة المنورة، وهناك ظهرت فضيلته العظمى بقوله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى " (1) لأنه وصف الفضيلة ب " العظمى " وهذه الكلمة تأنيث " الأعظم " بلحاظ لفظ " الفضيلة " ولو قال " الفضل " لقال " الأعظم ". فأمير المؤمنين صاحب " الفضل الأعظم " بحديث المنزلة، فهو " الأفضل ".
وبما ذكره شاه ولي الله يبطل ما لفقه بعضهم لإنكار دلالة الحديث الشريف