أقول:
لكن هذه الدعوى أيضا لا ترفع الإشكال.
لأنه إن كان المراد من حصول النبوة بالاستقلال لهارون في حياة موسى، حصول وصف زائد له على شركته مع موسى في النبوة، بعد عزله عن الخلافة عنه، فهذا مخدوش:
أولا: بأنه لا دليل لهم على أنه بعد عزله عن الخلافة لموسى حصل له وصف زائد على شركته لموسى في النبوة.
وثانيا: بأن هذه الدعوى واضحة البطلان، إذ لا يجوز عاقل أن يكون هارون عليه السلام قبل الخلافة عن موسى تابعا لموسى وشريكا له في النبوة، ويكون بعد عزله عن الخلافة - الصريح في الدلالة على النقص والتنفير - في مرتبة أعلى من وصف التبعية، وهي مرتبة النبوة المستقلة.
وإن لم يكن المراد من الاستقلال في النبوة أمرا زائدا، بل يكون حاله بعد العزل كحاله قبل الاستخلاف، وهو الشركة في النبوة مع موسى والتبعية له، فأين العود إلى مرتبة أعلى وأشرف، حتى يرتفع به إشكال النقص والتنفير الحاصل بالعزل عن الخلافة؟
ولعل الأصفهاني التفت إلى أن لا جدوى لسلوك هذا الطريق لرفع إشكال التنفير، فلذا عدل في (شرح الطوالع) عما ذكره في (شرح التجريد) وسلك طريقا آخر فقال:
" ولئن سلم أن ذلك - أي عدم خلافة هارون بعد وفاة موسى عليهما السلام على تقدير حياة هارون عليه السلام - عزل، ولكن إنما يكون نقصا له إذا