مضافا، إلى أنه يضمحل به احتمال آخر أبداه (الدهلوي) تبعا لوالده وهو حمل * (اخلفني) * على مجرد مدة غيبة موسى، وأنه برجوعه من الطور تزول خلافة هارون عنه. وجه الاضمحلال: أنه عندما يكون قوله " اخلفني " مؤكدا لما سبق وتحقق، فإنه لا يصلح تقييده بمدة الغيبة.
وإن أراد من حمل * (اخلفني) * على " الاستظهار " نفي دلالة الآية على " الخلافة " مطلقا. فهذا إنكار لظاهر الآية الكريمة، وتأويل بلا دليل للكلام الإلهي.
وأما قياسه قوله: * (اخلفني) * على قوله: * (وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين) * فمع الفارق جدا، إذ في الأمر بالإصلاح والنهي عن اتباع سبيل المفسدين حكما سديدة وفوائد عديدة، من قبيل توبيخ المفسدين وزجر المعاندين وإتمام الحجة... على أن الرازي نفسه ذكر أن المقصود من الأمر بالإصلاح هو التوكيد مثل قول إبراهيم عليه السلام: * (ليطمئن قلبي) *. وكذلك قال النيسابوري، إذ النبي لا يكون منه إلا الإصلاح... وعلى هذا، يكون هذا الأمر بالإصلاح كالأمر بالخلافة في * (اخلفني) *... فكلاهما تأكيد لما هو محقق وثابت.
ثم إذا كانت الآية مؤكدة، كان معنى ذلك - كما هو واضح - عدم ترتب فائدة جديدة على الاستخلاف، لكن الرازي يصرح بعد فاصل قليل بأنه لو كان هارون متمكنا من تنفيذ الأحكام قبل الاستخلاف لزم أن لا يكون للاستخلاف فائدة، وهذا كلامه:
" قوله: إن هارون لو عاش بعد موسى - عليهما السلام - لقام مقامه في كونه مفترض الطاعة.
قلنا: يجب على الناس طاعته فيما يؤديه عن الله، أو فيما يؤديه عن