فالعجب من التفتازاني دعواه الانقطاع في الاستثناء في الحديث الشريف، مع وقوفه على ما ذكره العضدي في اعتبار الشرط المذكور في الانقطاع، وموافقته له في شرحه لكلماته، كما كان منه في مسألة لزوم حمل الاستثناء على الاتصال ولو بالتزام الحذف، حيث وافق العضدي في هذه المسألة، ثم خالف ذلك في شرح المقاصد، في معنى الحديث الشريف!!
وإذا كان هذا حال التفتازاني - وهو من أعلام محققي القوم في العربية والأصول - فما ظنك بمثل الكابلي و (الدهلوي)؟!
ولا يخفى أن القطب الشيرازي أيضا ينص على اعتبار الشرط المذكور في الاستثناء المنقطع، ويصرح بأن عليه اتفاق الكل، وهذه عبارته:
"... وإذا عرفت ذلك، فاعلم أن الكل اتفقوا على أنه لابد لصحته [أي لصحة الاستثناء المنقطع] من مقاربة المتصل في مخالفته، إما في نفي الحكم مثل: ما جاءني زيد إلا عمرو، أو في كون المستثنى حكما آخر له مخالفة بوجه ما مع المستثنى منه مثل: ما زاد إلا ما نقص، وما نفع إلا ما ضر، مثله في " لكن " لأنها لا تقدر بها. وإلى هذا الاتفاق استروح من ذهب إلى أنه مجاز في المنقطع وقال: لو لم يكن مجازا فيه لم يشترط مقاربته للحقيقة " (1).
وإلى هنا ظهر: أن حمل الاستثناء " إلا أنه لا نبي بعدي " على الاستثناء المنقطع، وزعم أن المراد منه استثناء " عدم النبوة " لا استثناء النبوة... مخالف للإجماع واتفاق العلماء... فما ذكره التفتازاني والقوشجي والكابلي و (الدهلوي) باطل مردود...