الشرح غور من العربية بعيد، ومذهب نازح فسيح، وقد ورد به القرآن وفصيح الكلام منثورا ومنظوما، كتأنيث المذكر وتذكير المؤنث، وتصور معنى الواحد في الجماعة والجماعة في الواحد، وفي حمل الثاني على لفظ قد يكون عليه الأول، أصلا كان ذلك اللفظ أو فرعا وغير ذلك.
فمن تذكير المؤنث قوله تعالى: * (فلما رآى الشمس بازغة قال هذا ربي) * أي هذا الشخص. * (فمن جاءه موعظة من ربه) * لأن الموعظة والوعظ واحد. * (إن رحمة الله قريب من المحسنين) * أراد بالرحمة هنا المطر.
ومن تأنيث المذكر قراءة من قرأ: تلتقطه بعض السيارة. وقولهم: ذهبت بعض أصابعه. انث ذلك لما كان بعض السيارة سيارة في المعنى، وبعض الأصابع إصبعا...
ومن باب الواحد والجماعة قولهم: هو أحسن الصبيان وأجمله. أفرد الضمير لأن هذا موضع يكثر فيه الواحد، كقولك: هو أحسن فتى في الناس...
وقال تعالى: * (ومن الشياطين من يغوصون له) * فحمل على المعنى. وقال تعالى: * (من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه) * فأفرد على لفظ من ثم جمع من بعد.
والحمل على المعنى واسع في هذه اللغة جدا. منه قوله تعالى: * (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه) * ثم قال: * (أو كالذي مر على قرية) * قيل فيه:
إنه محمول على المعنى، حتى كأنه قال: أرأيت كالذي حاج إبراهيم، أو كالذي مر على قرية، فجاء بالثاني على أن الأول قد سبق كذلك... وكذا قوله: علفتها تبنا وماء باردا. أي: وسقيتها ماء...
ومنه باب واسع لطيف ظريف وهو: اتصال الفعل بحرف ليس مما يتعدى به، لأنه في معنى فعل يتعدى به، كقوله تعالى: * (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى