وعثمان كانا يفتيان في خلافة أبي بكر، وأن عثمان كان يفتي في خلافة عمر...، قال ابن سعد: " أخبرنا محمد بن عمر الأسلمي، نا جارية بن أبي عمران، عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: إن أبا بكر الصديق كان إذا نزل به أمر يريد فيه مشاورة أهل الرأي وأهل الفقه، دعا رجالا من المهاجرين والأنصار، دعا عمر وعثمان وعليا وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت، وكل هؤلاء كان يفتي في خلافة أبي بكر، وإنما تصير فتوى الناس إلى هؤلاء، فمضى أبو بكر على ذلك، ثم ولي عمر فكان يدعو هؤلاء النفر، وكانت الفتوى تصير وهو خليفة إلى عثمان وأبي وزيد " (1).
لكن ما السبب في عدم ظهور آثار أعلمية عمر وعثمان للمستفيدين والمستفتين بل لغيرهم؟ بل لم تظهر آثار عالميتهم، ولم نعثر على ما يدل على رسوخ قدم لهم في العلم...
وقد رووا أيضا: إن عمر كان يشغل منصب القضاء على عهد أبي بكر، روى ابن عبد البر عن إبراهيم النخعي: " قال: أول من ولي شيئا من أمور المسلمين عمر بن الخطاب، ولاه أبو بكر القضاء، وكان أول قاض في الإسلام، وقال: إقض بين الناس فإني في شغل " (2)، وروى الطبري: " واستقضى أبو بكر فيها عمر بن الخطاب، فكان على القضاء أيام خلافته " (3). وروى ابن الأثير:
" وفيها استقضى أبو بكر عمر بن الخطاب، وكان يقضي بين الناس خلافته كلها " (4)، والقضاء من أحسن أسباب ظهور الآثار، فأين قضايا عمر الدالة على سعة علمه فضلا عن أعلميته؟ ولماذا لم يذكروا قضية واحدة - ولو مفتعلة - من قضاياه على عهد أبي بكر، تدل على عالميته فضلا عن أعلميته؟