المقاتلين، ولعن المتخلفين! (1) ولا أدري كيف يعطيه النبي (صلى الله عليه وآله) إذنا بالذهاب إلى السنح بعد غضبه ولعنه المتخلفين عن الحملة. وأبو بكر جندي من جنود أسامة، وعدالة النبي (صلى الله عليه وآله) تأبى أن يسمح لواحد منهم بالذهاب إلى إحدى زوجاته، لأنه يومها وحصتها..
وأوجد بعض الأعراب عذرا آخر لأبي بكر لتبرير عصيانه لحملة أسامة يتمثل في طلب النبي (صلى الله عليه وآله) إليه البقاء في المدينة للصلاة بالناس وظاهر الأمر أن هذا التبرير من اختلاق الكتاب المتأخرين، وهو معارض للتبرير الأول، بالذهاب إلى السنح.
فقد قال ابن دحلان: " فلا منافاة بين ما روي أن أبا بكر (رضي الله عنه) كان من ذلك الجيش، ومن روى أنه تخلف، لأنه كان من الجيش أولا، ثم تخلف لما استثناه (صلى الله عليه وآله) وأمره بالصلاة بالناس (2).
ولم يكتف ابن دحلان بتبرير قضية عصيان أبي بكر لحملة أسامة، فقال: إن تخلفه (أبا بكر) كان بأمر منه (صلى الله عليه وآله)، لأجل صلاته بالناس، وفيه إشارة إلى أنه خليفة بعده (3).
إن أبا بكر لم يذهب إلى معسكر أسامة في الجرف، ولم يبق في المدينة عند النبي المريض (صلى الله عليه وآله)، بل ذهب إلى زوجته في السنح (خارج المدينة)!
ووجوده في السنح ينفي قضية صلاته بالناس، ويؤكد عصيانه لحملة أسامة.
ولولا قول عمر لأبي بكر بموت الرسول (صلى الله عليه وآله)، لبقي هناك مدة أطول.