وقال أبو جعفر الإسكافي المعتزلي: أما ما احتج به الجاحظ لإمامة أبي بكر بكونه أول الناس إسلاما، فلو كان هذا احتجاجا صحيحا لاحتج به أبو بكر يوم السقيفة، وما رأيناه صنع ذلك، لأنه أخذ بيد عمر ويد أبي عبيدة بن الجراح وقال للناس: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا منهما من شئتم. على أن جمهور المحدثين لم يذكروا أن أبا بكر أسلم إلا بعد عدة من الرجال منهم علي بن أبي طالب وجعفر أخوه وزيد بن حارثة وأبو ذر الغفاري وعمرو بن عنبسة السلمي، وخالد بن سعيد بن العاص وخباب بن الأرت، وإذا تأملنا الروايات الصحيحة والأسانيد القوية الوثيقة، وجدناها كلها ناطقة بأن عليا (عليه السلام) أول من أسلم (1). وكان النبي (صلى الله عليه وآله) قد أعلن عن دعوته بعد ثلاث سنين من السرية، وقد فرضت الصلاة المكتوبة بعد سبع سنين من نزول القرآن الكريم (2).
وقال ابن عباس: " إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أقام بمكة خمس عشرة سنة، سبع سنين يرى الضوء والنور ويسمع الصوت، وثماني سنين يوحى إليه " (3)، وأمير المؤمنين كان معه من أول يومه، يرى ما يراه (صلى الله عليه وآله) ويسمع ما يسمع، إلا أنه ليس بنبي.
ولقد نزلت آية: {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين} وقوله: {وأنذر عشيرتك الأقربين} بعد ثلاث سنين من مبعثه الشريف.
وجاء في تاريخ الطبري عن إسلام أبي بكر: أنه أسلم بعد أكثر من خمسين رجلا (4).