وقالت أم عبد الله بنت حنتمة: لما كنا نرتحل مهاجرين إلى الحبشة، أقبل عمر حتى وقف علي، وكنا نلقى منه البلاء والأذى والغلظة علينا (1).
وكانت العرب في الجاهلية تأنف من ضرب النساء من عادة مألوفة لديها.
لذلك لما ضرب عمر زوجته وكان عنده الأشعث بن قيس ضيفا، قال له عمر: اكتم علي. وعندما أراد عبيد الله بن زياد ضرب زينب بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عند أسرها في كربلاء لكلام قالته، قال له أحد أعوانه: إنها امرأة والمرأة لا تؤاخذ بشئ من منطقها، فتوقف عبيد الله عن الضرب. ومن آثار خشونته أنه وثب على ختنه لدخوله الإسلام، فوطأه وطئا شديدا، ونفح أخته المسلمة بيده نفحة فدمى وجهها (2). وقالت أم عبد الله بنت أبي حثمة، وكانت زوج عامر بن ربيعة: كنا نرحل إلى أرض الحبشة، وقد ذهب عامر لبعض حاجته، إذ أقبل عمر وهو على شركه، حتى وقف علي. وكنا نلقي منه البلاء أذى وشدة، فقال: أتنطلقون يا أم عبد الله؟ قالت: قلت: نعم والله لنخرجن في أرض الله، فقد آذيتمونا وقهرتمونا، حتى يجعل الله لنا فرجا.
قالت: فقال: صحبكم الله.
قالت: فلما عاد عامر أخبرته، وقلت له لو رأيت عمر ورقته وحزنه علينا.
قال: أطمعت في إسلامه؟ قلت: نعم.
فقال: لا يسلم حتى يسلم حمار الخطاب، لما كان يرى من غلظته، وشدته على المسلمين فهداه الله فأسلم. وغلظته مع المسلمين المستضعفين تظهر من قول الرسول (صلى الله عليه وآله) له: (بعد أن أخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف): ما أنت منته يا عمر، حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة.