فدعا بالدرة فجعل يضربه بها ثم قرأ: نحن نقص عليك أحسن القصص، وكان في الكوفة رجل يطلب كتب دانيال، فجاء فيه كتاب من عمر بن الخطاب أن يرفع إليه فلما قدم على عمر علاه بالدرة (1).
ومن خلال موقف الخليفة عمر من الكتب العلمية، ومنعه تفسير القرآن، ومنعه تدوين الحديث ونشره يكون موقف الخليفة من هذا الموضوع معلوما وواضحا. وقال الكاتب جرجي زيدان: والمؤرخون من العرب وغيرهم مختلفون في كيفية ضياعها (مكتبة الإسكندرية). فمنهم من ينسب إحراقها إلى عمرو بن العاص بأمر عمر بن الخطاب، ويستدلون على ذلك ببعض النصوص العربية وأشهرها قول أبي فرج الملطي وعبد اللطيف البغدادي والمقريزي والحاج خليفة.
ومنهم: من يجل العرب عن ذلك ويطعن في تلك الروايات ويضعفها. وقد كنا ممن جاري هذا الفريق في كتابنا " تاريخ مصر الحديث " منذ بضع عشر سنة، ثم عرض لنا بمطالعاتنا المتواصلة في تاريخ الإسلام والتمدن الإسلامي في ترجيح الرأي الأول لأسباب نحن باسطوها فيم يلي إجلاء للحقيقة فنقول:
أولا: قد رأيت فيما تقدم رغبة العرب في صدر الإسلام في محو كل كتاب غير القرآن بالإسناد إلى الأحاديث النبوية وتصريح مقدمي الصحابة.
ثانيا: جاء في تاريخ مختصر الدول لأبي فرج الملطي عند كلامه عن فتح مصر على يد عمرو بن العاص ما نصه: وعاش يحيى الغراماطيقي إلى أن فتح عمرو ابن العاص مدينة الإسكندرية، ودخل على عمرو وقد عرف موضعه من العلوم، فأكرمه عمرو وسمع من ألفاظه الفلسفية التي لم تكن للعرب بها أنسة ما هاله، ففتن به. وكان عمرو عاقلا حسن الاستماع صحيح الفكر فلازمه وكان لا يفارقه، ثم قال له يحيى يوما: إنك قد أحطت بحواصل الإسكندرية وختمت على كل الأصناف