منكرا، فأشفقت على هذه الأمة من اختلافهم في القرآن، وخشيت أن يختلفوا في دينهم بعد ذهاب من بقي من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذين قرأوا القرآن على عهده وسمعوه من فيه، كما اختلفت النصارى في الإنجيل بعد ذهاب عيسى بن مريم، وأحببت أن نتدارك من ذلك، فأرسلت إلى عائشة أم المؤمنين أن ترسل لي بالأدم الذي فيه القرآن الذي كتب عن فم رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين أوحاه الله إلى جبريل، وأوحاه جبريل إلى محمد وأنزله عليه، وإذا القرآن غض، فأمرت زيد بن ثابت أن يقوم على ذلك. ولم أفرغ لذلك من أجل أمور الناس والقضاء بين الناس، وكان زيد بن ثابت أحفظنا للقرآن، ثم دعوت نفرا من كتاب أهل المدينة وذوي عقولهم، منهم نافع بن طريف، وعبد الله بن الوليد الخزاعي، وعبد الرحمن بن أبي لبابة، فأمرتهم أن ينسخوا من ذلك الأدم أربعة مصاحف وأن يتحفظوا " (1).
وقال ابن جزي: كان القرآن على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) متفرقا في الصحف وفي صدور الرجال، فلما توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قعد علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) في بيته فجمعه على ترتيب نزوله، ولو وجد مصحفه لكان فيه علم كبير، ولكنه لم يوجد " (2).
وذكر الشيرازي في نزول القرآن وأبو يوسف يعقوب في تفسيره في قوله تعالى: {لا تحرك به لسانك} قال ضمن الله محمدا أن يجمع القرآن بعد رسول الله علي بن أبي طالب، قال ابن عباس: فجمع الله القرآن في قلب علي وجمعه علي بعد موت رسول الله بستة أشهر.
وذكر الكثير من العلماء والحفاظ جمع علي بن أبي طالب (عليه السلام) للقرآن الكريم منهم: أبو العلاء العطار والموفق خطيب خوارزم في كتابيهما، والخطيب في الأربعين بالإسناد عن السدي وأبو نعيم في الحلية.