كتابك، فتذكر فيه ما الله أهله في عظمته وقدرته وسلطانه، وما اصطفى به رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع كلام كثير لك فيه تضعيف، ولأبيك فيه تعنيف، ذكرت فيه فضائل ابن أبي طالب، وقديم سوابقه وقرابته إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومواساته إياه في كل هول وخوف، فكان احتجاجك علي وعيبك لي بفضل غيرك لا بفضلك، فأحمد ربا صرف هذا الفضل عنك، وجعله لغيرك، فقد كنا وأبوك فينا نعرف فضل ابن أبي طالب، وحقه لازما لنا، مبرورا علينا، فلما اختار الله لنبيه عليه الصلاة والسلام ما عنده وأتم له ما وعده، وأظهر دعوته، وأبلج حجته، وقبضه الله إليه صلوات الله عليه، فكان أبوك وفاروقه أول من ابتزه حقه، وخالفه على أمره، على ذلك اتفقا واتسقا، ثم إنهما دعواه إلى بيعتهما، فأبطأ عنهما وتلكأ عليهما، فهما به الهموم وأرادا به العظيم، ثم إنه بايع لهما وسلم لهما، وأقاما لا يشركانه في أمرهما، ولا يطلعانه على أمرهما، حتى قبضهما الله، ثم قام ثالثهما عثمان فهدى بهديهما وسار بسيرهما، فعبته أنت وصاحبك، حتى طمع فيه الأقاصي من أهل المعاصي، فطلبتما له الغوائل وأظهرتما عداوتكما فيه، حتى بلغتما فيه مناكما، فخذ حذرك يا ابن أبي بكر، وقس شبرك بفترك، يقصر عنه أن توازي وتساوي من يزن الجبال بحلمه، لا يلين عن قسر قناته، ولا يدرك ذو مقال أناته، أبوك مهد مهاده وبنى لملكه وساده، فإن يكن ما نحن فيه صوابا، فأبوك استبد به ونحن شركاؤه، ولولا ما فعل أبوك من قبل، ما خالفنا ابن أبي طالب، ولسلمنا إليه، ولكنا رأينا أباك فعل ذلك به من قبلنا، فأخذنا بمثله، فعب أباك بما بدا لك أو دع ذلك، والسلام على من أناب (1).
وفي هذه الرسالة اعتراف واضح وصراحة شاملة بسلب أبي بكر وعمر الخلافة من علي بن أبي طالب (عليه السلام). وقد اضطر إليها معاوية في رد حجة محمد بن