وكان الصحابة يرجعون إليه (أي الإمام علي) في أحكام الله، ويأخذون عنه الفتاوى، كما قال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) في عدة مواطن: لولا علي لهلك عمر (1).
وذكر ابن أبي الحديد، حدثني الحسين بن محمد السيني قائلا: " قرأت على ظهر كتاب، أن عمر نزلت به نازلة، فقام لها وقعد وترنح لها وتقطر، وقال لمن عنده: معشر الحاضرين ما تقولون في هذا الأمر؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين:
أنت المفزع والمنزع، فغضب وقال: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا} (2) ثم قال: أما والله إني وإياكم لنعلم أين نجدتها والخبير بها. قالوا: كأنك أردت ابن أبي طالب؟
قال: وأنى يعدل بي عنه، وهل طفحت حره مثله؟ قالوا: فلو دعوت به يا أمير المؤمنين؟ قال: هيهات إن هناك شمخا من بني هاشم، وإثرة من علم ولحمة من رسول الله (صلى الله عليه وآله). يؤتى ولا يأتي، فامضوا بنا إليه، فاقصدوا نحوه، وأفضوا إليه، فألفوه في حائط له عليه تبان، وهو يتوكل على مسحاته ويقرأ {أيحسب الإنسان أن يترك سدى} (3) إلى آخر السورة، ودموعه تهمي على خديه، فأجهش الناس لبكائه، فبكوا ثم سكت وسكتوا. فسأله عمر عن تلك الواقعة فأصدر جوابها.
فقال عمر: أما والله لقد أرادك الحق، ولكن أبى قومك، فقال: يا أبا حفص:
خفض عليك من هنا ومن هنا، إن يوم الفصل كان ميقاتا. فوضع عمر إحدى يديه على الأخرى، وأطرق إلى الأرض، وخرج وكأنما ينظر في رماد (4).
ومن الإنصاف القول: إن صراحة عمر نادرة وجيدة. ولو عمل بما صرح به