وما أتاكم عني يخالف القرآن فليس عني. وكان عمر - فيما بلغنا - لا يقبل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بشاهدين، وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه لا يقبل الحديث عن رسول الله، والرواية تزداد كثرة ويخرج منها ما لا يعرف ولا يعرفه أهل الفقه، ولا يوافق الكتاب ولا السنة، فإياك وشاذ الحديث، وعليك بما عليه الجماعة من الحديث وما يعرفه الفقهاء، وما يوافق الكتاب والسنة (1)، فقس الأشياء على ذلك، فما خالف القرآن فليس عن رسول الله وإن جاءت به الرواية. وحدثنا الثقة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في مرضه الذي مات فيه: إني لأحرم - وفي رواية: لا أحرم - إلا ما حرم القرآن، والله لا يمسكون علي بشئ (2). فاجعل القرآن والسنة المعروفة لك إماما وقائدا، واتبع ذلك، وقس عليه ما يرد عليك مما لم يوضح لك في القرآن والسنة. انتهى.
وقال الإمام علم الدين الفلاني المالكي في كتابه إيقاظ الهمم (3):
ترى بعض الناس إذا وجد حديثا يوافق مذهبه فرح به وانقاد له وسلم، وإن وجد حديثا صحيحا سالما من النسخ والمعارض مؤيدا لمذهب غير إمامه فتح باب الاحتمالات البعيدة، وضرب عنه الصفح والعارض، ويلتمس لمذهب إمامه أوجها من الترجيح مع مخالفته للصحابة والتابعين والنص الصريح.. وإن عجز عن ذلك كله ادعى النسخ (4) بلا دليل، أو الخصوصية أو عدم العمل به أو غير ذلك، مما يحضر ذهنه العليل،