لإنصاف العلم ولا نرضى به كما لا يرضي الله سبحانه وتعالى به. وهكذا لا نجوز تقليد الفقهاء وأرباب المذاهب بوجه مطلق، حتى وإن خالفوا لم يخالفوا النصوص المعتبرة الواردة من النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، فإنه صد عن سبيل الله وضلال وإضلال.
وهل يقدر أحد أن يدعي أن الإمام الأعظم أبا حنيفة رحمه الله، قال بوجوب العمل بفتواه، وإن كان مخالفا للحديث النبوي إذا ثبت اعتباره؟ وهل أفتى بوجوب تنفيذ أقواله على جميع المسلمين من الشيعة الإمامية وغيرهم من أتباع الشافعي ومالك وأحمد (رض) حتى نمنعهم نحن عن العمل بمذاهبهم، سبحانك هذا بهتان عظيم وحسبان لئيم، وسبيل عقيم. والحق أوسع من مذهب واحد واجتهاد متفرد، بل الانحصار على الأربعة عمل المقلدين، ولا أصل له عند العلماء المحققين.
سادسها: إن تدوين الحديث نشأ عندهم من زمان علي رضي الله عنه، وزمان الحديث يدوم من حياة النبي صلى الله عليه وسلم إلى وفاة الإمام الحسن العسكري في سنة 260 ه، وأما عند أهل السنة فابتدأ التدوين من القرن الثالث على ما يأتي بيانه، ولهذا التفاوت آثاره.
الغرض من التأليف (الأمر الثالث): إنما صرفت برهة من عمري في البحث عن أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في كتب أهل السنة وكتب الشيعة لأمرين:
الأول: للوصول إلى السنة المقدسة النبوية، فإنها عماد الشريعة وأحد ركني الإسلام القويين، وتمييز صحيحها وسليمها من ضعيفها ومجعولها مما زيد عليها أو نقص منها عمدا أو سهوا: (والذين جاهدوا فينا