وقد ختم الجزائري رحمه الله هذا البحث (بتنبيه) مهم قال فيه - تعليقا على نقدهم لحديث (تحاج الجنة والنار) من أن النار لا تمتلئ حتى ينشئ الله لها خلقا آخر -:
ومن الغريب في ذلك محاولة بعض الأغمار ممن ليس له إلمام بهذا الفن لا من جهة الرواية ولا من جهة الدراية، لنسبة الغلط إليه كأنه ظن أن النقد قد سد بابه على كل أحد أو ظن أن النقد من جهة المتن لا يسوغ لأنه يخشى أن يدخل منه أرباب الأهواء، ولم يدر أن النقد إذا جرى على المنهج المعروف لم يستنكر، وقد وقع ذلك لكثير من أئمة الحديث مثل الإسماعيلي فإنه بعد أن أورد حديث (يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة) - الحديث - قال: وهذا خبر في صحته نظر من جهة أن إبراهيم عالم بأن الله لا يخلف الميعاد فقد يجعل ما بأبيه خزيا له، مع إخباره أن الله قد وعده بأن لا يخزيه يوم يبعثون، وعلمه بأنه لا خلف لوعده. فانظر كيف أعل المتن بما ذكره.
وقد قال بعض علماء الأصول: إن في الأحاديث ما لا تجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لأنه لا يمكن حملها على ظاهرها لكونه على خلاف البرهان، وغير ظاهرها بعيد عن فصاحته صلى الله عليه وسلم (1). انتهى ملخصا.
أقول: وإليك بقية الكلام في هذا المقام نقلا من كتاب أضواء على السنة المحمدية كما نقلنا كلام الجزائري أيضا منه (2).
كلام مقلدة المذاهب وبعد أن فرغنا من كلام الذين ردوا على ابن الصلاح نأتي بطائفة من القول في أمر مقلدة المذاهب وموقفهم من الحديث ليكون تماما على ما