في زمن عثمان حتى منع ذكر الأحاديث التي لم تسمع في زمن الشيخين كما مر.
قال أبو سلمة لأبي هريرة - وهو أحد المكثرين المشهورين في صدر الإسلام - أكنت تحدث في زمن عمر هذا؟
قال: لو كنت أحدث في زمان عمر مثل ما أحدثكم لضربني بمخفقته.
ولو قام عمر من قبره ورأى رواج سوق الجعل والتزوير في الحديث والافتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأى أسوأ وأشنع من هذا تعصب عوام الناس، وغفلة مدعي العلم عن تلك المجعولات والمجهولات، لمات غضبا وغيظا. ولقد حقت عليهم كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار؟!
ومنها: إن ما علل به المنع عبد الله بن مسعود غير مفهوم ولا معقول، فإن سبب هلاك أهل الكتاب إنما هو ترك العمل بكتاب ربهم وسنة نبيهم ظلما وعتوا، وهذا قطعي، وليس سبب هلاكهم تدوين أحاديث نبيهم والعمل بها وحدها، مع أنه لا ملازمة بين كتابة الروايات وترك العمل بكتاب الله، كما هو المشهود من القرن الثالث إلى يومنا هذا.
بحث توضيحي لا ريب في أن السنة القولية لم تتقيد بالكتابة في القرن الأول، ولا خلاف فيه، وإنما الكلام في أنه هل باجتهاد من الخلفاء أو بنهي سابق من النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم؟
وعلى الأول، الداعي لهم إما أمر سياسي، وإما شئ أعمق منه، إذ لا يحتمل كونه خوفا من الكذب أو شغل الناس عن كتاب الله أو شوب الكتاب بغيره، إذ بإمكانهم تشكيل لجنة من أمناء الصحابة وعلمائهم لجمع