فالتاريخ يشهد بأن مؤسس علم المنطق أرسطو (384 - 447 ق. م) كان أول من فكر في الوقاية من خطأ الفكر.
لقد كانت بحوث سقراط وأفلاطون أساسا لجهود أرسطو في كشف طريقة تحصيل العلم، إلا أن طبعه المدقق لم يقتنع بالمباحث السقراطية، ولم يعترف ببيان أفلاطون فيما يختص بمنشأ العلم وسلوك طريق المعرفة، أو يعتبرهما مطابقين للواقع، وإنما تمكن في مقابل المغالطة ومناقشة السفسطائيين من اكتشاف القواعد الصحيحة للاستدلال واستنتاج الحقيقة، وعلى هدى أفلاطون وسقراط توصل إلى وضع أصول المنطق وقواعد القياس على أساس محكم، لم يضف أحد إليها شيئا ما إلى يومنا هذا. (1) وقيل في تعريف المنطق: إنه علم آلي (آلة قانونية) تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في الفكر.
ومنذ زمن بيكن (1560 - 1625 م.) وديكارت (1596 - 1650 م) حصل تحول فكري في أوربا، أدى إلى الاعتقاد بأن المنطق الأرسطي غير كاف للوقاية من الخطأ في الفكر، فقد كان ديكارت يعتقد بأن:
قواعد المنطق رغم صوابها وثبوتها لا تجعل المجهول معلوما، وأن فائدتها الحقيقية تكمن فقط في معرفة المصطلحات وتملك القدرة على التفهيم والبيان، وذلك لأن البرهان هو استخراج النتيجة من المقدمات، وإذا لم تكن المقدمات معلومة فلن تتحقق النتيجة، وقواعد المنطق وحدها لا تكفي للحصول على معلوم، فإذا ما توفرت المقدمات الصحيحة فالنتيجة حاصلة بذاتها، والعقل السليم في الإنسان يستخدم القواعد المنطقية بالفطرة دونما احتياج إلى كل هذا