" ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها ". (1) ومن العوامل الأخرى للعودة إلى الجاهلية - وهو أخطرها طبعا - زعامة أئمة الضلال، وهو ما قال فيه الرسول (صلى الله عليه وآله): " إن أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون ". (2) وقد ورد أيضا أن عمر بن الخطاب سأل كعبا: إني أسألك عن أمر فلا تكتمني، قال: لا والله، لا أكتمك شيئا أعلمه، قال: ما أخوف شئ تخافه على أمة محمد (صلى الله عليه وآله)؟ قال: أئمة مضلين، قال عمر: صدقت، قد أسر إلي ذلك وأعلمنيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ". (3) إن لأئمة الضلال خطرا على الإسلام ودورا في إعادة المسلمين إلى عصر الجاهلية إلى الحد الذي جعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يؤكد في حديث معتبر ومتفق عليه بين المسلمين أنه: " من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية ". ومعنى هذا أن في وجود أئمة العدل والحق ضمانا لاستمرار عصر العلم؛ أي عصر الإسلام الحقيقي، وبانعدام تلك الزعامة ينقلب المجتمع الإسلامي إلى ما كان عليه في الجاهلية الأولى.
لقد تحققت هذه الواقعة المريرة في تاريخ الإسلام، وأضحت المجتمعات الإسلامية، بل مجتمعات العالم بأسرها، تتخبط في مستنقع الجاهلية الحديثة على الرغم مما أحرزته من تقدم باهر في مجال العلوم التجريبية. (4) كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد قدم البشرى لبني الإنسان في أن لهذا العهد نهاية أيضا، إذ