وأما الإنسان، فنظرا لكونه مركبا من عقل وشهوة فهو حر ولديه القدرة على الاختيار، وهذا هو ما يوجب أفضلية الإنسان على سائر الموجودات الأخرى، ولعله لأجل هذه الأفضلية أثنى (1) الباري تعالى على ذاته عند خلقه للإنسان.
وهذا هو مرد الرواية الواردة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال:
" ما من شئ أكرم على الله من ابن آدم، فقيل: يا رسول الله، ولا الملائكة؟
قال: الملائكة مجبورون بمنزلة الشمس والقمر ". (2) ومن الطبيعي أن هذه الفضيلة الموجودة في كيان الإنسان بالقوة لا تجد طريقها إلى حيز التطبيق إلا عندما يستثمر الإنسان هذه الحرية من أجل تكامل اختياره، أما إذا أساء استغلالها واندحر العقل في مواجهته للشهوة فحينذاك تتحول نعمة الحرية إلى نقمة. لهذا قال الإمام علي (عليه السلام) - ضمن حديثه الذي نقلناه في بيان تركيب العقل والجهل -:
" فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة، ومن غلبت شهوته عقله فهو شر من البهائم ". (3)