اللا شعور، بفضل تأليفه بينهم إلى واقع شعوري متجسد يعمل عمله في الفرقة بينهم، وهكذا أجهز عليهم من أقرب نقطة ضعف، وحملهم على التسابق إلى بيعته خشية أن يستأثر بالخلافة أحد الفريقين، وكان أسرع الفريقين إليها أبناء الأوس لأن المرشح الوحيد للأنصار إذ ذاك كان سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج كما تعلمون.
فإذا صح هذا من وجهة نفسية عدنا إلى ما سبق أن قلناه من أن عنصر الحماية الذي يجب توفره في رأس الدولة يستدعي أن لا يحمل رأس الدولة في أعماقه أية رأسية على خلاف المفاهيم الثورية الحديثة، وإلا لكانت الرسالة هي أو بعض مفاهيمها عرضة للتصدع متى استأثر الباعث اللاشعوري في توجيه صاحبه الوجهة المعاكسة.
وضمان هذه الناحية موقوف على أن يتولى دور الحماية شخص لا يملك أية راسبة في أعماقه على خلاف هذه المفاهيم الثورية، بالإضافة إلى إيمانه العقلي بكل ما صدعت به من أفكار وأحكام.
قال أحدهم: وكيف يتهيأ مثل ذلك الشخص ليقوم بهذا الدور، وهل في المسلمين إذ ذاك شخص لم يعش فترة من حياته في الجاهلية ليتولى دور الحماية كما تريدون.
قلت: يا سيدي - إذا كانت الفكرة سليمة فإن على الإسلام أن يهئ مثل ذلك الشخص إذا كان يريد لنفسه ضمان التطبيق السليم، وأنتم تعلمون أن قيمة الرسالة لا تبرز بمجرد التشريع، وما قيمة تشريع لا يضمن له تطبيق سليم يتمشى مع الأهداف الأساسية التي تبرر وجوده، وتقديم آلاف الضحايا في سبيل تركيز ذلك الوجود.