ارتفع فجأة صوت ضحكات الطلاب، فقال الأستاذ الذي وجد نفسه في وضع محرج للغاية بلهجة عنيفة: لا تناقش عبثا!! فأنت لا زلت أصغر من أن تعطي رأيك في القضايا الفقهية!! وأجلسني بكلامه هذا! إلا أن الطلاب لم يقنعوا أبدا.
وعلى كل حال انقضت السنة الأولى من الثانوية ودخلت في السنة الثانية، كان سني قد ازداد ومطالعتي قد كثرت في هذا المجال خلال العطلة الصيفية، فأصبحت أكثر استعدادا للمواجهة.
ومن حسن الصدف أن مدرس مادة الدين كان شابا إلى حد ما وحسن الأخلاق، كنا في أول درس من مادة الدين حين دخل الأستاذ وكان شابا يدعى " عمر الشريف ".
وبدأ الحديث عن موضوع الهداية في الإسلام، وضمن حديثه تفسير الآية الشريفة: * (إنك لا تهدي من أحببت) * (1)، قال: إن هذه الآية نزلت في أبي طالب عم الرسول (صلى الله عليه وآله) حيث حضر عند رأسه وهو في اللحظات الأخيرة من حياته وكلما طلب منه التلفظ بالشهادتين، أبى حتى مات كافرا!! فتأثر النبي (صلى الله عليه وآله) لأن عمه الذي يحبه يموت كافرا، لكن الله تعالى أوحى إليه هذه الآية.
الهداية هبة إلهية يمنحها الله لمن يشاء ويسلبها ممن يشاء، فلا تحاول هداية عمك!
اضطرم الغضب في نفسي وما عادت لي طاقة على الصبر، فنهضت بغضب وبدون استئذان وصحت: أستاذ! لا بد وأنكم تعتبرون أبا طالب، هذا الرجل المؤمن، كافرا وتأولون بشأنه هذه الآية لأنه والد علي (عليه السلام)، ليس من الإنصاف اتهام شخص قضى عمره في خدمة الإسلام وقدم كل هذا العون للنبي (صلى الله عليه وآله)