مناظرات في العقائد والأحكام - الشيخ عبد الله الحسن - ج ١ - الصفحة ٥٤٦
المناظرة الثامنة والسبعون مناظرة الدكتور التيجاني مع السيد الخوئي (قدس سره) في الافتراء المنسوب إلى الشيعة أن جبرئيل أعطى الرسالة النبي (صلى الله عليه وآله) بدل علي (1) (عليه السلام)
(1) هذه الفرية على ما يبدو إنها ظهرت من قبل أكثر من ألف سنة، فقد نسبها إلينا كل من ابن عبد ربه الأندلسي (ت 328 ه) في العقد الفريد : ج 2 ص 250، بلا تورع ولا تثبت فيما ينقل عن الشيعة الإمامية، وأبو القاسم النيسابوري (ت 406 ه) في كتابه عقلاء المجانين ص 184 ح 322 بسنده عن بكار بن علي عن أبي سعيد الضبعي، الذي يزعم أن الشيعة تقول:
إن الله بعث جبرئيل إلى علي عليه السلام فغلط فأتى محمدا صلى الله عليه وآله!! وتكفي شهادة راوي الحديث - بكار بن علي - في المروي عنه - وهو أبو سعيد الضبعي - أنه قد خولط في عقله. هذا في نفس الكتاب المطبوع في بيروت نشر دار النفائس تحقيق الدكتور عمر الأسعد، أما في الكتاب المطبوع في القاهرة نشر مكتبة ابن سينا تحقيق مصطفى عاشور ص 119 - 120 فقد حذفت منه شهادة الراوي في المروي عنه (إنه قد خولط في عقله) ولا أدري كيف حذفت منه، أهو من أجل دفع شبهة الجنون عن الراوي لتزكيته لتثبيت التهمة، أو لخطأ من الناسخ أو غيرهما الله العالم راجع تعلم، كما ذكر هذه الفرية أيضا ابن أبي الحديد في شرح النهج: ج 10 ص 13 إلا أنه لم ينسبها إلى فئة معينة، قال: وادعوا فيه - أي الإمام علي عليه السلام - أنه كان الرسول صلى الله عليه وآله ولكن الملك غلط فيه.
وبسبب هؤلاء غير المتثبتين الذين ألصقوا هذه الفرية على الشيعة الإمامية انطوت على أولئك الذي لا يتورعون عن بث الفرقة والخلاف في أوساط المسلمين، وراحوا يبثونها ما وجدوا إليها من سبيل حتى عول عليها من لا تثبت عنده، ولم يسأل نفسه عن مصدرها وحقيقتها، فهل وجد هذه الفرية في كتاب من كتب الشيعة مثبتة، أو سمع أحدا منهم تفوه بها ولو كان شاذا، والعجب كل العجب من بعض الكتاب الذي يعيشون في عصر الثقافة والعلم، أمثال الشرقاوي الذي انطوت عليه مثل هذه الأكذوبة التي لا أصل لها، فقد ذكر في مقال كتبه عن (زيد الشهيد) نشرته جريدة الأهرام بتاريخ 4 / 8 / 1978 م، ص 10، قال فيه: وفي العراق جماعات مختلفة متطرفة من شيعة آل بيته، اضطرهم جو الحكام وظلمهم لآل البيت عليهم السلام إلى المبالغة والتطرف والتفوا حوله، منهم جماعة تدعي أن الوحي كان سينزل على الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ولكنه أخطأ.
انتهى.
ولنا أن نحاسب الشرقاوي في ما كتبه، فمن أين جاء بهذه المعلومة فهل سمع من هؤلاء الجماعة التي تزعم ذلك بنفسه أن لقفها من الأبواق المأجورة، ومن هؤلاء أيضا عبد الرحمن الجزيري في كتابه الفقه على المذاهب الأربعة: ج 4 ص 75، في باب النكاح في مبحث الكفاءة، حيث يقول في صدد استعراض من يختلف مع المسلمين بالدين، قال:
المخالفون للمسلمين في العقيدة ثلاثة أنواع: الأول، الذين لا كتاب لهم سماوي، ولا شبهة كتاب، إلى أن قال: ويلحق بهؤلاء المرتدون الذين ينكرون المعلوم من الدين الإسلامي بالضرورة، كالرافضة الذين يعتقدون أن جبرئيل غلط في الوحي، فأوحى إلى محمد مع أن الله أمره بالإيحاء إلى علي عليه السلام... إلى آخر كلامه الذي سوف يؤاخذ عليه في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وبعد هذا كله هل تجد مسوغا لأمثال هؤلاء الذين لا يتورعون عن الافتراء على أمة بكاملها، ولم يحاسبوا أنفسهم، ولم يكلفوها عناء البحث والتحقيق والتثبت.؟!