الأذل " (1).
" أفلست ترى أن نزاعا تافها، لسبب تافه هيج النفوس ودعاهم إلى النزعة الجاهلية وتذكر العصبية المكية والمدينة ".
ومن يتصفح التأريخ يجد المئات من الشواهد أمثال ما ذكره الدكتور أحمد أمين، ولعل أهم نقاط الضعف التي أجهز بها الخليفة أبو بكر على الأنصار في سقيفة بني ساعدة هو إثارة هذه النزعة في أعماقهم، عندما ذكرهم بالقتلى والجراح التي لا تداوى ما بينهم في الجاهلية، وكان قد خدرها الإسلام عندما ألف بين قلوبهم، ولقد ذكرت هنا مضمون حديث رواه الجاحظ يحسن أن نعود إلى نصه ففيه أعظم الدلالة على صدق ما ذكره الدكتور أحمد أمين.
وهنا تناول السيد كتاب البيان والتبيين واستخرج ص 181 من جزئه الثالث وقرأ فيها عيسى بن نذير قال: قال أبو بكر: نحن أهل الله، وأقرب الناس بيتا من بيت الله: وأمسهم رحما برسول الله (صلى الله عليه وآله) إن هذا الأمر إن تطاولت إليه الخزرج لم تقصر عنه الأوس، وإن تطاولت إليه الأوس لم تقصر عند الخزرج، وقد كان بين الحيين قتلى لا تنسى، وجراح لا تداوى، فإن نعق منكم ناعق فقد جلس بين لحيي أسد يضغمه المهاجري ويجرحه الأنصاري ".
قال ابن دأب فرماهم والله بالمسكتة. (2) وكان من نتائج تأثير هذه الخطبة التي دللت على مدى ما يملكه الخليفة من خبرة بالواقع النفسي أن حولت ذلك الواقع الذي أبعده الإسلام إلى أعماق