مقدمة الكتاب الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين وبعد:
قد يحسب المرء أن ما خالف رأيه عقيدة وفكرا - نتيجة لتراكم القناعات الموروثة أو لغيرها من الأسباب - أنه باطل أو شاذ لا يعول عليه، وهذا خطأ محض، إذ يجب (1) أن تمحص آراء الطرف الآخر لاحتمال أن يكون الصواب معه، ولولا ذلك لما عدل أحد إلى الحق بعد الاهتداء إليه.
وإذا كان من الصعب على المرء أن ينسى ما اعتقده أو يتناساه إذا ما ثبت بطلانه، فإن في تاريخ الإسلام العقائدي ما يثبت أن هناك صفوة من رجاله تركوا ما اعتقدوا به بعد انكشاف الحق، إما بدراسة مختلف الآراء والنظريات في بطون الكتب والأسفار وعرضها على المعايير العلمية الدقيقة، أو عن طريق حوار علمي يتناول الموضوع المعني من جميع جوانبه للكشف عن غوامضه ومن ثم اتباع الحق فإنه أحق أن يتبع قال الحق تعالى: * (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) * (2)، ومن هنا تدخل المناظرة كسبيل مختصر يوفر الطريق الآمن للوصول إلى المحجة الواضحة، غير أن هذا منوط بطلب الحق لا الجدل والمراء والمكابرة.
ولما كان للمناظرة مثل هذه الأهمية البالغة لمعرفة الحق، ولما فيها من