الإنسان، وقد شنها حربا لا هوادة فيها على جملة ما كان سائدا في عصره من مفارقات، وإن الكثير ممن عاشوا تلكم المفارقات هم الذين اعتنقوا الإسلام وناضلوا ودافعوا عنه، وأكثرهم كانوا قد اعتنقوه ببواعث عقلية لا تمت إلى الواقع النفسي بصلة.
ولكن الرسالة - أية رسالة - لا يمكن أن تأتي من بداية ثورتها على جذور ما قامت عليه من مفارقات، وبخاصة ما ترسب منها في أعماق الإنسان، بل هي تحتاج إلى أن تمر بأجيال يتخفف كل جيل لاحق من رواسب جيله السابق، بعد تعويضه بماجد من قيم ومفاهيم نتيجة لقيام الثورة الرسالية الجديدة، ووظيفة الرسالة في بداية أمرها كبت تلكم الرواسب المعاكسة بإعطاء طاقة جديدة للضمير، أو الأنا ليمنع من تسربها إلى الشعور، والاستئثار بكل مجالات السلوك، وإلا فإن استئصالها لا يمكن أن يتم بعد أن أخذت مكانها بين عوالم اللا شعور.
ومن هنا كنا نرى بروز الكثير من الرواسب إذا تخدر الضمير، أو وقف تأثيره بفعل من بعض العوامل النفسية كالغضب مثلا، وهنا ذكرت مضمون كلام لأحمد أمين يحسن أن نرجع إلى نصه في فجر الإسلام.
مندوب الإيمان - ثم تناول السيد كتاب فجر الإسلام من أحد رفوف المكتبة واستخرج منه ص 97 وقرأ فيها ما يلي " وبعد فإلى أي حد تأثر العرب بالإسلام، وهل أمحت تعاليم الجاهلية ونزعات الجاهلية بمجرد دخولهم في الإسلام، ألحق أن ليس كذلك، وتاريخ الأديان والآراء يأبى ذلك كل الإباء ".
" فالنزاع بين القديم والجديد والدين الموروث والحديث يستمر طويلا، ويحل الجديد محل القديم تدريجا، وقل أن يتلاشى بتاتا ".
" وهذا ما كان بين الجاهلية والإسلام فقد كانت النزعات الجاهلية تظهر من