مناظرات في العقائد والأحكام - الشيخ عبد الله الحسن - ج ١ - الصفحة ٢٠١
المناظرة التاسعة والعشرون مناظرة عمر بن عبد العزيز مع مشائخ أهل الشام في أمر فدك روي أنه لما رد عمر بن عبد العزيز (1) فدكا على ولد فاطمة (عليها السلام) اجتمع عنده
(١) هو: عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، أبو حفص الأموي القرشي، وهو خير بني مروان، يعرف بأشجع بني أمية ضربته دابة في وجهه، وكانت أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب واسمها ليلى.
قال العلامة المامقاني: لا نشكر منه إلا رفعه السب عن أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد ابتداع معاوية عليه لعائن الله تعالى، ولذا قال السيد الرضي رضي الله عنه:
يا بن عبد العزيز لو بكت العين * فتى من أمية لبكيتك أنت نزهتنا عن السب والشتم * فلو أمكن الجزاء جزيتك دير سمعان لا أغبك غيث * خير ميت من آل مروان ميتك وقد روي في سبب رفعه سبأمير المؤمنين (عليه السلام) قال: كنت أحضر تحت منبر المدينة وأبي يخطب يوم الجمعة، وهو حينئذ أمير المدينة، فكنت أسمع أبي يمر في خطبه تهدر شقائقه، حتى يأتي إلى لعن علي (عليه السلام) فيجمجم، ويعرض له من الفهاهة والحصر ما الله عالم به، فكنت أعجب من ذلك، فقلت له يوما: يا أبت، أنت أفصح الناس وأخطبهم، فما بالي أراك أفصح خطيب يوم حفلك، حتى إذا مررت بلعن هذا الرجل، صرت ألكن عييا، فقال: يا بني، إن من ترى تحت منبرنا من أهل الشام وغيرهم، لو علموا من فضل هذا الرجل ما يعلمه أبوك لم يتبعنا أحد، فوقرت كلمته في صدري، مع ما كان قاله لي معلمي أيام صغري، فأعطيت الله عهدا، لئن كان لي في هذا الأمر نصيب لأغيرنه، فلما من الله علي بالخلافة أسقطت ذلك، وجعلت مكانه: * (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) * وكتبت في الآفاق فصار سنة، توفي بدير سمعان من أرض حمص يوم الجمعة لخمس ليال بقين من رجب سنة ١٠١ ه وكان له يوم توفي إحدى وأربعون سنة. وكانت خلافته سنتين وخمس ليال. راجع ترجمته في: تنقيح المقال للمامقاني: ج ٢ ص ٣٤٥ ترجمة رقم: ٩٠١٦، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج ٤ ص ٥٨ - ٦٠، سير أعلام النبلاء: ج ٥ ص ١١٤.