تصرفات كلها هادفة.
وأول ما يبحث عن التفسير احتضانه للإمام علي (عليه السلام) من بداية حياته والإشراف على تربيته بنفسه وهو صبي، ثم وضع مخطط لإبعاده عن جميع الأجواء المعاشة إذ ذاك لأمثاله من صبيان قريش، يقول الإمام علي (عليه السلام) وهو يتحدث في نهجه الخالد عن لون تربيته في هذه الفترة: " وضعني في حجره - يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) - وأنا ولد، يضمني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسني جسده، ويشمني عرفه، وكان يمضغ الشئ ثم يلقمنيه، ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما، ويأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاور في كل سنة حراء (1)، فأراه ولا يراه غيري " (2).
وهذه الخطوط التي رسمها الإمام لأسلوب تربيته على يد النبي (صلى الله عليه وآله) ليست طبيعية لو لم يكن الهدف منها أسمى من وجهها البارز، فهي تريد له الإبعاد عن جميع الأجواء التي كانت سائدة إذ ذاك، مع بنائه على لون من السلوك يختلف عنها في جملة ما له من خطوط، فهو (صلى الله عليه وآله) يرفع في كل يوم من أخلاقه علما ويأمره بالاقتداء به، ولا يكتفي بذلك دون أن يصحبه حتى لمواقع تحنثه وعبادته في غار