قلت: إن الذي يبدو لي أننا نسينا مواقع النقض من كلامنا، فالفحص والحرص على تطبيق ما يعلم من الأحكام بعد العثور عليها لا ينافيان الجهل أحيانا، وقد قلنا إن حماية المجهول لا يمكن تصورها مطلقا.
والسؤال في بعض الأحيان عما يجهل من الأحكام لا يعني السؤال في جميع الأحيان، ولا استيعاب كل ما يتصل بأحكام الشريعة، وكيف ندفع احتمال السهو والغفلة، وحمل الصحة لتصرفات الآخرين، مما يوجب عدم الفحص عنها.
ومن أراد من السادة الأعلام أن يتتبع ما صدر عن الخلفاء من الأحكام التي لا تلتقي مع النصوص - كتابا وسنة - فليرجع إلى أمثال كتاب الحجة شرف الدين (النص والاجتهاد) و (الغدير) للحجة الأميني ليعرف مدى ما استدرك عليهم المعاصرون لهم من الصحابة وغيرهم في ذلك كله.
قال أحدهم: إن ما ذكرتموه لا يفرض أكثر من ضرورة توفر صفة العلم في الحماة، لا العصمة كما افترضتموها لهم.
قلت: هذا صحيح، لو كان عنصر الحماية لا يحتاج إلى أكثر من العلم، أما إذا ضممنا إليه - لضمان وجودها واستمرارها - ضرورة تمثل المسؤول لواقعها تمثلا نفسيا يأبى عليه التنكر لها مهما كانت البواعث له، احتجنا إلى العصمة.
قال أحدهم: وماذا يعني هذا الكلام؟
قلت: إن الذي أعنيه أن لا يختلف الشخص - الذي يقوم بدور الحماية - في واقعه النفسي عنه في واقعه العقلي، أي أن لا يحمل في أعماقه من الرواسب ما يتنافى مع طبيعة الرسالة التي آمن بها عقليا، لئلا تستأثر بعض الرواسب في توجيهه الوجهة المعاكسة في حالات غفلة الرقيب، أو تخديره بغضب أو غيره.
وأنتم ولا شك تعلمون أن الإسلام جاء بثورة مستوعبة لمختلف أبعاد