حين إلى حين، وتحارب نزعات الإسلام، وظل الشأن كذلك أمدا بعيدا ولنقص طرفا من مظاهر هذا النزاع ".
" جاء الإسلام يدعو إلى محو التعصب للقبيلة والتعصب للجنس، ويدعو إلى أن الناس جميعا سواء * (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) * (1) وفي الحديث " المؤمنون إخوة تتكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم " (2)، وخطب النبي (صلى الله عليه وآله) في خطبة الوداع " يا أيها الناس إن الله تعالى أذهب عنكم نخوة الجاهلية، وفخرها بالآباء، كلكم لآدم وآدم من تراب، ليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى (3)، وروى مسلم أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " من قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبية، أو يدعو إلى عصبية، أو ينصر عصبية، فقتل قتل قتلة جاهلية " (4) وآخى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين المهاجرين والأنصار بعد ما كان بين المكيين والمدنيين من عداء ".
" ومع كل هذه التعاليم لم تمت نزعة العصبية، وكانت تظهر بقوة إذا بدا ما يهيجها، أنظر إلى ما روي في غزوة بني المصطلق أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج في جماعة من المهاجرين والأنصار فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فكان بينهما قتال إلى أن صرخ يا معشر الأنصار، وصرخ المهاجر يا معشر المهاجرين، فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: ما لكم ولدعوة الجاهلية، فقالوا: كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): دعوها فإنها منتنة، فقال عبد الله بن أبي ابن سلول: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها