يأمره الخليفة بإعداد أعقد المسائل وأخفاها، ثم يتعرض بها لطفل لا يتجاوز عمره العشر، فهل ينتظر أن يخرج الطفل معافى من هذا الامتحان؟ إقرأ بعض هذه المحاورات في الصواعق المحرقة (1) لابن حجر وغيرها (2)، وانظر تصاغر السائل فيها أمام هذا الطفل الصغير والتماس تفسيرها الطبيعي.
قال أحدهم: أتظن أن هذا غير طبيعي، وعيسى بن مريم (عليه السلام) كان أصغر منه عندما بعث نبيا، والقرآن صريح في ذلك؟!
قلت: يا سيدي وهذا ما تقول به الشيعة، ولكن بعثة عيسى (عليه السلام) وهو بهذه السن هل تملك تفسيرها الطبيعي.
الحقيقة يا سيدي - أن قضايا الدين لا تخضع دائما للمتعارف من المقاييس، فمن آمن بالدين آمن بكل ما يأتي به من شؤون الغيب، وإن خرج على ما لديه من تجارب ومقاييس.
وأخبار العصمة والأعلمية - بعد ثبوتها بالضرورة عن النبي (صلى الله عليه وآله) فإنها تصلح أن تكون من أعظم دلائل النبوة لصدقها في الأخبار عن عوالم الغيب، وبخاصة لأمثالنا من الناس الذين أدركوا صدقها وتحققت لديهم مضامينها، بعد أن أخذ أهل البيت (عليهم السلام) واقعا تاريخيا محسا لدى الجميع، رسمت أمثال هذه الأحاديث أهم خطوطه عندما قالت: " إني تركت فيكم الثقلين ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا على الحوض " (3).