مناظرات في العقائد والأحكام - الشيخ عبد الله الحسن - ج ١ - الصفحة ٣٣
المناظرة الخامسة مناظرة الإمام الرضا (عليه السلام) مع سليمان المروزي في البداء وإرادة الله تعالى روي عن الحسن بن محمد النوفلي أنه قال: قدم سليمان المروزي (1)
(١) سليمان المروزي، متكلم خراسان، مشتبه فيه، ولم يميز على وجه الدقة، إذ احتمل بعضهم أنه سليمان بن حفص المروزي الذي نقل المحقق الداماد عن الشيخ أنه من أصحاب الهادي (عليه السلام)، واحتمل أخر أيضا أنه سليمان بن داوود المروزي المعدود من أصحاب الهادي (عليه السلام)، وقول لثالث: أنه سليمان بن جعفر المروزي من أصحاب الكاظم والرضا (عليهما السلام)، ومنشأ هذه الاختلاف، إن سليمان المروزي الذي ذكر في مناظرة الإمام الرضا (عليه السلام) لم يذكر اسم أبيه، فمن هنا نشأ هذا الاختلاف في ما بينهم، ولذا صعب تمييزه، وخصوصا إنه يوجد بهذا الاسم أكثر من واحد في زمن واحد، فإن كانت هناك قرائن تميزه عن غيره وإلا يبقى مجهولا، قال الشيخ علي النمازي: والأظهر أن سليمان المروزي المتكلم الباحث مع الرضا (عليه السلام) ليس أحد هؤلاء الثلاثة، ولا يجري ما قيل فيهم عليه، فراجع كتاب العلامة المامقاني في ترجمة هؤلاء الثلاثة حتى يتضح لك الحال والإشكال فيما توهموه وبطلان تطبيق ما ذكر في الروايات من دون ذكر اسم الأب على المعنون في أول الترجمة حتى تقوم حجة على التطبيق، ومما ذكرنا ظهر عدم الاطمئنان في تطبيق المضمر في الروايات على المعنون، وقال أيضا - عليه الرحمة -: ومن هذه المحاجة يظهر ذمه ولجاجه، فراجع حتى ترى ذمه، وتعرف فساد توهم من زعم حسنه، وأنه ما رجع إلى الحق. انتهى كلامه رفع في علو مقامه.
أقول: والذي يظهر لكل من يراجع مناظراته مع الإمام (عليه السلام) أن سليمان هذا من أهل العناد، وإلا لم يجلبه المأمون لمحاجة الإمام (عليه السلام)، إذ أن المأمون العباسي كان يجلب العلماء لمناظرة الإمام (عليه السلام) ليظهروا عليه.
ويريد أن يبين للناس عجزه: * (ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) * ولذا قال المأمون لسليمان: وليس مرادي إلا أن تقطعه عن حجة واحدة فقط، فهذا ما كان يسعى إليه المأمون ومن مشى في ركابه واستجاب له.
وبما أن سليمان المروزي الواقع بهذا الاسم قد ترجم له في كتب رجال السنة ولم يغفلوه، كما تدل فحوى ترجمتهم له على رقعته عندهم وأنه من أهل الحديث الذين حفظوا أحاديث لم تقع في الكتب، كما أن هذا المترجم له كان أيضا في زمان الإمام الرضا (عليه السلام) إذ أن الإمام (عليه السلام) توفي في سنة ٢٠٣ ه وتوفي سليمان هذا قبل سنة ٢١٠ ه، كما أنه لم يذكر بهذا الاسم في كتب الرجال عند السنة غيره، وإلا كيف يغفله أهل السنة في الوقت الذي ذكروا من الرجال من هو أقل منه في نظرهم، فمن المحتمل القريب جدا أن يكون هو نفس المذكور في مناظرة الإمام الرضا (عليه السلام)، والله العالم بحقائق الأمور، كما عده أيضا العطاردي من رواة الإمام الرضا (عليه السلام) تحت رقم: ١٤٩، وإليك ترجمته كما جاءت في كتب التراجم عندهم هو: سليمان بن صالح، مولاهم، أبو صالح المروزي المعروف بسلمويه، صاحب " وقائع خراسان " ويقال: اسمه سليمان بن داود، قيل إنه سمع من ابن المبارك نحو ثماني مئة حديث مما لم يقع منه في الكتب، مات قبل سنة عشر ومئتين، وكان قد جاوز مئة سنة. راجع ما جاء في هذه الترجمة: تهذيب الكمال: ج ١١ ص ٤٥٣ ترجمة رقم: 2529، تهذيب التهذيب لابن حجر: ج 4 ص 199 ترجمة رقم: 338، مستدركات علم رجال الحديث للشيخ علي النمازي الشاهرودي: ج 4 ص 146 ترجمة رقم: 6608، منتهى المقال في أحوال الرجال للمازندراني: ج 3 ص 387 ترجمة رقم: 1363، مسند الإمام الرضا (عليه السلام) للعطاردي: ج 2 ص 534.