إليه، فقبل رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك منه، عن الكلبي ومحمد بن إسحاق ومجاهد، وقيل:
نزلت في عبد الله بن أبي سلول حين قال: " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل (1) " عن قتادة، وقيل: نزلت في أهل العقبة في أنهم ائتمروا في أن يغتالوا رسول الله صلى الله عليه وآله في عقبة، مرجعهم (2) من تبوك، وأرادوا أن يقطعوا أنساع راحلته ثم ينخسوا (3) فأطلعه تعالى على ذلك، وكان من جملة معجزاته، لأنه لا يمكن معرفة ذلك إلا بوحي من الله، فسار رسول الله صلى الله عليه وآله في العقبة وحده وعمار وحذيفة معه، أحدهما يقود ناقته، والآخر يسوقها، وأمر الناس كلهم بسلوك بطن الوادي، وكان الذين هموا بقتله اثنى عشر رجلا، أو خمسة عشر رجلا على الخلاف فيه، عرفهم رسول الله صلى الله عليه وآله، وسماهم بأسمائهم واحدا واحدا، عن الزجاج والواقدي والكلبي، وقال الباقر عليه السلام: كانت ثمانية منهم من قريش، وأربعة من العرب انتهى (4).
وأما قوله: " لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا " فيحتمل الدعاء عليهم والاخبار عن امتداد شقاوتهم، والأخير أظهر، فيكون من باب المعجزات، وكذا قوله:
" لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم " إخبار بسرائرهم، وكذا قوله: " والله يشهد إنهم لكاذبون " وكذا قوله: " نظر بعضهم إلى بعض " فإنها كلها إخبار عما كانوا يسرون من المسلمين.
قوله: " ائت بقرآن غير هذا أو بدله " قال الرازي في الفرق بينهما: إن المراد بالأول الاتيان بكتاب آخر لا على ترتيب هذا القرآن ولا على نظمه، وبالثاني تغيير هذا القرآن، كأن يضع مكان ذم بعض الأشياء مدحها، ومكان آية رحمة آية عذاب، أو المراد بالأول الاتيان بغيره، مع كون هذا الكتاب باقيا بحاله، وبالثاني أن يغير هذا الكتاب، ثم إن سؤالهم إما أن يكون على سبيل السخرية والاستهزاء، أو كان عرضهم التماس