ينبغي لنا الالتفات إلى ان الذاتي على نوعين:
1 - الذاتي الثابت بنحو اللزوم والضرورة، ولا يمكن انفكاكه بأي نحو من الانحاء، كالزوجية للأربعة، والفردية للخمسة، فلا يمكن للأربعة ان لا تكون زوجا، ولا يمكن للخمسة ان لا تكون فردا.
2 - الذاتي الثابت بنحو الاقتضاء دون العلية التامة، والذي يمكن انفكاكه تحت الظروف المعينة، كالبرودة بالنسبة إلى الماء، حيث تقتضي طبيعة الماء ان يكون باردا، ولكن - مع ذلك - يمكن انفكاك هذه البرودة عن الماء بوضعه فوق النار فيغدو حارا.
والافراد الذين يميلون بحسب طينتهم إلى فعل الشر، تكون طينتهم ذاتية بالمعنى الثاني، فلا يكونون مسلوبي الاختيار تجاه الخيرات والشرور، كالمصاب بداء الرعاش فترتعش يده دون اختياره، بل ان هؤلاء الافراد قادرون على فعل الخير برغم صعوبته عليهم، ولكن من باب " أفضل الأعمال أحمزها " يكون ثوابهم أكثر. ومن هؤلاء من يجاهد نفسه ويجبرها على فعل الخير، فهم الذين قال الله فيهم (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور). (1) ومنهم من ارتكب الجرائم والموبقات وضل في المتاهات، وزاد طينته الأولى بلة فأولئك (ظلمات بعضها فوق بعض)، (2) بل قد يصل به الامر إلى درجة يصدق معها في حقه قوله تعالى: (سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون)، (3) فلا يعود الارشاد والوعد والوعيد مؤثرا فيهم، و