كل ظاهرة منوط بعلل وشرائط مخصوصة، ولكن في الوقت نفسه فإن نظام العلية والمعلولية المتصل بعضه ببعض في سلسلة، مخلوق وخاضع لتدبير موجود غير متناه قد أوجده، وأحدث فيه تناسقا دقيقا، فصار جميع ما في هذا الكون مظهرا وشعاعا لذلك الموجود اللا محدود العالم القدير وهو الله سبحانه وتعالى.
إن جميع كائنات هذا العالم المادي برغم اتصالها وارتباطها وفعلها وانفعالها ببعضها، إلا إنها بوصفها من الأمور المادية، لها مقدار وبعد مكاني وزماني و يكون بعضها غائبا عن بعضها وكلها في عرض واحد، إلا أن خالق الكون في طوله وأسمى منه، ومحيط به، وإن وجود هذا العالم الفسيح، وبقاءه رهن بإرادته الأزلية والسرمدية، (1) ونعم ما قال الشاعر الفارسي:
به اندك التفاتي زنده دارد آفرينش را * اگر نازى كند از هم فرو ريزند قالبها منصور: تعني أن المادة وأشكالها وصورها المتنوعة التي تشكل لحمة الكون وسداه، كلها مظهر وجود الله، وانها وجدت بإرادته، فكيف وجد المعدوم المحض بمجرد إرادة الله؟ فهذا ما لا استوعبه، فهل لديك مثال لتوضيح هذا المدعى؟
ناصر: ألم يتفق لك يوما ان كنت مستلقيا على ظهرك مغمض العينين، منقبض الصدر، فتصورت نفسك فجأة مع رفقائك في حديقة جميلة واسعة،