العقل البشري استنتاج خصائص الكائنات (الحية والجمادات) والقوانين التي تسيرها.. فالعالم يجري التجارب على هذه الكائنات، أو يقوم بعملية مقارنة واستقراء، ثم يفرض فروضا يحاول أن يستنتج منها العلاقة أو مجموعة العلاقات التي تربط بين المتغيرات المختلفة التي تؤثر في هذا الكائن..
وكل العلوم البشرية مردها إلى هذا المجال، فهي تدور مع المخلوقات، ولا تنفلت عنها إلا بالوهم والخيال..
وكما أشرت أنت في تعليقك، إنه بقدر تطور أدوات الإنسان في البحث، بقدر ما يتعمق الإنسان في فهم العلاقات التي تربط الكائنات ببعضها.. فالأجهزة التشخيصية المتوفرة الآن هي أفضل منها قبل مئة عام وهي أفضل قطعا مما وجد في تاريخ البشرية الذي نعرفه، وبدون كبير مجازفة فإنه لو استمرت الأحوال على ما هي عليه فإن المستقبل يعد بالكثير.
وتبقى هناك مسائل وقضايا لا تتدخل الأدوات العلمية ودقتها فيها، وهي القضايا العقلية.. وهي التي يستطيع العقل البشري أن يقطع فيها بمجرد أن يدرك واقعها.. والأمثلة على هذا كثيرة، منها أن الشمس تصدر حرارة، وأن تبخر الماء يمتص الحرارة، وأن الملح مالح المذاق.. وأن جثة الكائن الميت تتحلل في الظروف العادية.
ودراسة المخلوقات (بما فيها الإنسان نفسه) والتأمل فيها يقود العقل إلى إدراك خصائص العجز والضعف والمحدودية، التي لا تنفك عن هذه المخلوقات بكافة أنواعها.. وهذه الخصائص يدركها العقل بدون أن يحتاج إلى أدوات علمية دقيقة. ولا أريد أن أسترسل الآن. وبانتظار ردك.
(إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب. الذين