أما حاجة العقل إلى النص فلأن قدرة إدراكه محدودة، فهو يحتاج إلى الوحي وعندما يثبت عنده صدق النبي المخبر بالوحي، يضيف العقل ما ثبت إخباره به إلى يقينياته. والسبب في ذلك: أن صانع قوانين الطبيعة وقوانين العقل واحد، لا يمكن أن تتناقض أفعاله ولا أقواله.. عز وجل. هذه لمحة عن الموضوع.
واليك نقد الزهاوي لابن تيمية وأتباعه الوهابيين لموقفهم السلبي من العقل:
قال في كتابه الفجر الصادق ص 22 تحت عنوان: الوهابية ونبذها للعقل:
(لما كان صريح العقل وصحيح النظر مصادما كل المصادمة لما اعتقدته الوهابية، اضطروا إلى نبذهم العقل جانبا وأخذهم بظواهر النقل فقط، وإن نتج منه المحال، ونجم عنه الغي والضلال!
ثم قال الزهاوي: لا ريب أنه إذا تعارض العقل والنقل أول النقل العقل، إذ لا يمكن حينئذ الحكم بثبوت مقتضى كل منهما، لما يلزم عنه من اجتماع النقيضين، ولا بانتفاء ذلك، لاستلزامه ارتفاع النقيضين. لكن بقي أن يقدم النقل على العقل أو العقل على النقل، والأول باطل لأنه إبطال للأصل بالفرع! وإيضاحه: أن النقل لا يمكن إثباته إلا بالعقل، وذلك لأن إثبات الصانع ومعرفة النبوة وسائر ما يتوقف صحة النقل عليه، لا يتم إلا بطريق العقل، فهو أصل للنقل الذي تتوقف صحته عليه، فإذا قدم على العقل وحكم بثبوت مقتضاه وحده، فقد أبطل الأصل بالفرع! ويلزم منه إبطال الفرع أيضا! إذ تكون حينئذ صحة النقل متفرعة على حكم العقل الذي يجوز فساده وبطلانه فلا يقطع بصحة النقل! فلزم من تصحيح النقل بتقديمه على العقل عدم صحته! وإذا كان تصحيح الشئ منجرا إلى إفساده كان مناقضا لنفسه فكان باطلا! إذا علمت هذا تبين لك جليا وجوب تأويل ما عارض ظاهره العقل من الآيات القرآنية، التي هي ظواهر ظنية لا تعارض اليقينيات). انتهى.